التعزير مشروع في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع السلف والخلف رحمهم الله من الخلفاء الراشدين وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين، وكذلك أئمة السلف والتابعين لهم بإحسان رحمة الله عليهم أجمعين على مشروعية التعزير.
ففي كتاب الله عز وجل شرع الله تعزير المرأة الزانية قبل نزول عقوبة الزنا، فأمر سبحانه وتعالى بحبس الزانية ومنعها من الخروج حتى يتوفاها الموت أو يجعل الله لها سبيلاً، ثم جاء الحديث ببيان عقوبة الزنا، ونزلت الآيات التي تبين الجلد في الزنا، فقال عليه الصلاة والسلام:(خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)، فقبل نزول هذه العقوبة كانت المرأة الزانية تحبس في البيت، والرجل إذا زنى فإنه يؤذى، والأذية تكون بتوبيخه وأذيته، حتى نزلت العقوبة المقدرة شرعاً، فهذا من نص الله على التعزير.
كذلك شرع الله التعزير في الحق الخاص، كما في تعزير الرجل لامرأته:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا}[النساء:٣٤]، فالمرأة إذا نشزت على زوجها فإنها قد ضيعت حق الزوج؛ لأن الله جعل الرجال قوامين على النساء، وجعل المرأة تحت الرجل تقوم على أمره وترعى شأنه، فإذا استرجلت ونشزت وخرجت عن طاعته خرجت عن فطرتها، فلا بد من تأديبها وإيقافها عند حدها، فشرع الله عز وجل التعزير على هذا الوجه، وهذا يدل على مشروعية التعزير بالكتاب.
كذلك أيضاً: شرع الله عز وجل التعزير على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وبسنته الصحيحة، فقد عزر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعزر الخلفاء الراشدون من بعده، وفي الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:(لا يُجلد فوق عشرة أسواط إلا في حدٍ من حدود الله)، فلما قال:(لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله)، بيّن مشروعية الجلد، وأنه يكون في غير الحدود؛ لأنه استثنى الحد في الزيادة، وأجاز العقوبة دون العشرة في غير الحدود، فدلّ على أنه يشرع التعزير بالجلد.