أما الجمهور لما قالوا بالجواز، فقالوا: دليلنا كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم: أما دليلنا من الكتاب: قال الله تعالى حكاية عن نبيه شعيب: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ}[القصص:٢٧]، قالوا: فأسند الإجارة إلى أكثر من عام، مع أن الثمانية الحجج قد يرتفع فيها سعر الإجارة وقد ينخفض، ومع ذلك أقر الشرع مثل هذا، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه.
هذا من حيث دليل الكتاب.
أما دليل السنة فقالوا: إن الأحاديث التي استدل بها على جواز الإجارة من حيث الأصل العام لم تقيد بمدة ولا بزمان، فكل طرفين اتفقا على إجارة مدة معينة، وهذه المدة تبقى فيها العين ويحصل فيها النفع، فإنه يجوز ذلك العقد ولا بأس به.
هذا بالنسبة لدليل الجمهور.
والذي يظهر -والله أعلم- صحة مذهب الجمهور، أي: أنه يجوز إجارة الدور والمساكن والأرضين ولو أكثر من ثلاثين سنة بالشرط الذي ذكرناه وهو: غلبة الظن ببقاء العين، وحصول النفع فيها.
وقد نبه المصنف رحمه الله إلى هذا القول الراجح حينما حكى غلبة الظن بقوله رحمه الله: بقوله: [وإن آجر الدار ونحوها مدة ولو طويلة يغلب على الظن بقاء العين فيها صحت].