للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم تركيب اللولب المانع للحمل والإفرازات التي تكون بسببه]

السؤال

امرأة كانت عادتها سبعة أيام حيض، ثم قامت بتركيب شيء اسمه (لولب) لمنع الحمل، فصار ينزل قبل عادتها المعتادة إفرازات لمدة أربعة أيام، ثم سبعة أيام حيض، ثم بعدها أربعة أيام إفرازات، فهل هذه المدة كلها تعتبر حيضاً، أفتونا مأجورين؟

الجواب

هذا السؤال فيه مسألتان: المسألة الأولى: اللولب؛ وهو عازل يوضع في الموضع من أجل ألا تحمل المرأة، هل يجوز وضعه، أو لا يجوز؟ الحقيقة أن هذه المسألة نظرت فيها إلى أقوال المجوزين، والعلل الطبية والشرعية التي يتذرع بها لوضع هذا الشيء، فلم أجد عذراً شرعياً يبيح وضع هذا الشيء؛ ولذلك: الذي يظهر ويتبين أنه لا يجوز وضعه، وذلك لأمور: أولاً: لما فيه من استباحة النظر إلى الفرج دون وجود ضرورة.

ثانياً: أن فيه لمساً للفرج دون وجود ضرورة.

ثالثاً: أن فيه إيلاجاً في الفرج، وتكرار للإيلاج ونظر، خاصةً إذا كان من الرجل فهو أشد وأشنع وأعظم.

فهذه الثلاثة الأمور محظورة، حتى لو كان الواضع له طبيبة، فلا يجوز لها أن يحصل منها الإيلاج، أو النظر إلى عضو المرأة أو استباحة وضع العازل فيه.

هذه الثلاثة محاذير شرعية، ولم أجد مبرراً شرعياً يجيز وضع اللولب حسب علمي وحسب ما نظرت من أقوال الأطباء، وأقوال من يجيز، فلم أر وجهاً شرعياً لوضعه.

أضف إلى هذا تكرار الكشف، والأدهى والأمر أنه يربك عادة المرأة، فلا يستقيم لها أمر، فبمجرد ما تضعه يختلط عليها حيضها، فيتقدم ويتأخر، ويختلط عليها دمها، وقد تلتبس عليها صلاتها وعبادتها بسبب وضعها لمثل هذا، مثل ما ذكرت السائلة، وهذا أهون ما يكون، وإلا فقد مرت عليَّ قضايا من أعجب القضايا في حصول الإرباك للعادة بسبب هذا الأمر، وما ينشأ منه من الأمور التي لا تحمد عقباها؛ ولذلك الذي يظهر عدم جواز وضعه.

وأما العذر الذي يتذرع به كخوف حمل المرأة، فإما أن يكون هذا بسبب خوف الضرر مثل أن يكون عندها أمراض أو أعراض فهذه علاجها العزل، أن يعزل الرجل عنها، أو وضع الكيس الذي يمنع القذف في الموضع، وأما بالنسبة لقضية وضع اللولب فالقاعدة عند العلماء: (أنه لا يحكم بالحاجة مع وجود البديل)، وهذا أصل عند أهل العلم، فإن العازل الذي يوضع أخف محظوراً وأخف ضرراً من وضع اللولب.

النقطة الأخيرة التي أنبه عليها في هذا الأمر، وهي: مسألة الإفرازات السابقة واللاحقة لأمد العادة، فهذه لا تعتبر من العادة؛ لما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حديث عائشة رضي الله عنها في قصة فاطمة: (لتنظر الأيام التي كانت تحيض فيهن قبل أن يصيبها الذي أصابها)، فترجع إلى عادتها، وتحكم بكونها حائضاً على قدر تلك الأيام.

والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>