[لا يشترط في الحرابة قصد المال أو النفس أو العرض بل تكفي الإخافة]
وقوله:[فيغصبونهم المال] ذكر رحمه الله هذا؛ لأن قطع الطريق وإخافة السبل غالباً ما يقصد به أخذ أموال الناس، لكن الحكم لا يختص بغصب المال بل يشمل الاعتداء على النفس والعرض، وحينئذٍ فإن من دقة المصنف أنه ذكر الأدنى للتنبيه على الأعلى، وذكر المال وإن كان أخف من إخافة السبل، لأنه أقل ما يكون في الحدود؛ لأن فيه قطعاً لليد والرجل من خلاف في الحرابة، فذكر المال, وإلا فلو أنهم تعرضوا للناس بقصد قتلهم هناك، فمثلاً: بعض الجرائم وبعض المجرمين الذين يخرجون بالسلاح بقصد قتل الناس واستباحة دمائهم، ويكون هذا عن حقد على المجتمع أو نوع من الإرعاب للمجتمع والإرهاب والتخويف له، وهذا يدخل في الحرابة، فالمصنف رحمه الله ذكر المال لكنه لا يقصد تخصيص الحكم بالمال فقط، فينتبه لهذا.
فقوله:[يغصبونهم المال] هذا على الغالب أن الاعتداء يكون من أجل الأموال، ويقع أيضاً بالاعتداء على الأعراض، فلو جاء مثلاً في منطقة يغشاها النساء، أو أماكن تجمع النساء في الأفراح، فجاء وأشهر سلاحه عليهن، فهذا يعتبر من الاعتداء على العرض وإن لم يفعل الجريمة.
المقصود أن المصنف لا يقصد تخصيص الحكم بالاعتداء على المال، فإن الاعتداء على الدماء بالقتل، والاعتداء على الأجساد بالضرب، والاعتداء على السوءات والأعراض بالانتهاك وفعل الفواحش، كل هذا يعتبر من الاعتداء، ولو سلم من الاعتداء بحيث تجرد الفعل وصار محض تخويف فإنه إرهاب واعتداء على أمن الناس، وهذا يعتبر جريمة، وله عقوبة في حد الحرابة أيضاً.
وقوله:[مجاهرة] هذا الشرط الثاني الذي ذكرناه، وهو أن يكون جهاراً لا خفية.
وقوله:[لا سرقة] ولذلك لما كانت الجناية على المال خفية سرقة، فقال:(لا سرقة) و (لا) هنا للإضراب، أي أنه لا يشمل حد السرقة، فالسرقة لها حكم خاص، فلو أنه اعتدى على المال خفية فإنه يحكم بكونه حد سرقة، ولا يحكم بكونه حد حرابة.