كان عندي مبلغ من المال، فأردت أن أصرفه، فذهبت إلى الصراف، فأعطاني جزءًا من المبلغ، وقال لي: تعال غداً؛ لأنه ليس لدي الباقي.
فهل هذا ربا؟
الجواب
إذا لم يكن هذا هو الربا، فما هو الربا؟ هذا ربا نسيئة، وإذا قال لك الصراف: تأتي بعد عشر دقائق، أو تعال بعد خمس دقائق، فقد افترقت ولم تأخذ حقك من الصراف، وهذا عين الربا، قال صلى الله عليه وسلم:(لا يحل لك أن يفارقك وبينكما شيء) يداً بيد، تصرف عشرة ريالات، وتأخذ عشرة ريالات حديد يداً بيد، مثلاً بمثل، فمن زاد أو استزاد، فلعنة الله على من أخذ وأعطى، فهذا عين الربا، فإذا قال شخص: هذا ورق، وهذا حديد، وإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم، نقول: لماذا تزكي الورق والحديد؟ لماذا يقال له: نصف ريال؟ ولماذا يقال له: ربع ريال؟ ولذلك هذه رصيدها فضة، فإذا صرفها ورقاً، أو حديداً، ناقصة بزائد؛ فاللعنة على الآخذ والمعطي، ولو لم يكن رباً لكان من أكل المال بالباطل؛ لأنه بأي حق يأخذ الواحد عشرة من أخيه المسلم، ويعطيه تسعة، واليوم يصرفون بتسعة، وغداً سيصرفون بخمسة، يقولون: والله عندنا فتوى أنه لا بأس في ذلك، لي الحق أن أصرف بأربعة، من يمنعني؟ وقد قيل: بيعوا كيف شئتم، وحينئذ يتسلط الأغنياء على الفقراء؛ لأن السيولة موجودة عند الأغنياء غالباً، وما الذي جعل الشريعة تحرم الربا في القروض؟ لأن الغني الذي عنده رأس مال يعطي الناس قروضاً، وتأتيه الأموال زائدة بالقرض ويصبح غنياً، الآن يفتح له مكتب صرافة، ويصرف العشرة بتسعة، وبعد شهر ما شاء الله يغتني، على حساب من؟ على كد الفقراء وضعفهم، تصرف من راتبك خمسمائة ريال، إذا جئت تصرف الخمسمائة تصرفها بنقص، ثم تصرفها مئات بنقص، ثم تصرفها بخمسينات بنقص، ثم تصرفها عشرات بنقص، لو لم يحرم من جهة الربا، لحرم من جهة أكل أموال الناس بالباطل، لابد أن نعي الأمور، ليس المسألة أن الإنسان يبحث عن مخرج، ثم يأتي الشخص وينشر هذه الفتوى ويعلقها، وما شاء الله! من الحق الواضح، ينبغي علينا أن نتورع وننتبه، وأن لا ننظر إذا كان الناس يفعلون هذا الأمر نقوم ونبحث لهم عن مسوغ شرعي، علينا أن نزن الأمور بموازين الشريعة، وأن ننظر إلى الأصول العامة، وإلى القواعد العامة، وأن نعرف أين هذا الأمر؟ أمر الربا أمر عظيم، فهذا هو الربا الذي حرمه الله ورسوله:(ولا يحل لكما أن تفترقا وبينكما شيء) يجب التقابض، ويجب التماثل، يداً بيد، ومثلاً بمثل، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.