للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الصورة الثانية: مطالبة المدعي بحقه كاملاً

الصورة الثانية: إذا سأل القاضي محمداً: هل لزيد عندك ألف، فقال: نعم؛ فحينئذ يُطالب القاضي الخصم أن يطالب خصمه بدفعها، فيقول: مادام أن محمداً قد اعترف بألفِي فأرجو من القاضي أن يُطالبه بدفعها، فيطالِب وهذه الحالة عكس الحالة الأولى فإنه في هذه الحالة -الثانية- يقول: أريد حقي كاملاً وهو الألف الذي على محمد.

ففي الحالة الأولى إذا قال: نعم.

لزيد علي ألف، فقال زيد: أبرأته وسامحته، أو: هي صدقة مني عليه، أو: هي هبة مني له، فلا إشكال بإجماع العلماء، وقد تقدّم معنا في باب القرض وغيره أن صاحب الحق إذا تنازل عن حقه فلا إشكال فيه.

أي أنه من حقك إذا كان لك دين على أحد أن تُسقط كل المال، كما أن من حقك أن تأخذ هذا المال وتتصدق به، سواءً أسقطته بطريق الصدقة كقولك له: هو صدقة مني عليك، أو أسقطته عن طريق الهبة فقلت: هو هبة مني لك، لكن إن أسقطته على سبيل الصدقة فحكمه حكم الصدقات، كما سيأتي إن شاء الله، وإن أسقطته على سبيل الهبة فقلت: وهبتك هذا المال، فحكمه حكم الهبة، وتسري عليه جميع أحكام الهبات.

لكن أنبه أن باب الصلح في ظاهره صلح، لكن أهم ما فيه من المسائل أنك تنتقل من باب الصلح إلى أبواب أُخر، فقد تنتقل إلى باب البيع، وقد تنتقل إلى باب الإجارة، وقد تنتقل إلى باب الصدقة أو باب الهبة.

فإذا كان الشخص قد أسقط حقه الذي على خصمه بطيب نفس منه ناوياً الصدقة فصدقة، وإن كان بقصد الهبة فهو هبة.

إلخ.

فهذه الحالة لا إشكال فيها أن يتنازل عن جميع حقه فتُسمى حالة: الإسقاط أو الإبراء.

والحالة الثانية: أن يطالب بجميع حقه، ولا إشكال فيها أيضاً؛ لأنه إذا ثبت في مجلس القاضي وحكم القاضي بإقرار الخصم أن عليه للمدعي هذا المال؛ فالواجب شرعاً أن يطالب المدين بسداد دينه الذي عليه، ويُطالب من حمل الحق بأدائه والوفاء به لصاحبه، هذا في حالة ما إذا طالبت بحقك كاملاً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>