[حكم الإجارة والرضاع بالطعام والكسوة]
وقوله: [وتصح في الأجير والظئر بطعامهما وكسوتهما].
(الأجير): هو العامل (والظئر): المرأة المرضعة.
وقوله: (بطعامهما وكسوتهما) إذا قال له: اشتغل عندي وأطعمك وأكسوك، أو اشتغل عندي على طعمة بطنك، فلا بأس؛ لأن أبا هريرة رضي الله عنه كان يعمل عند آل صفوان بذلك، وكذلك أيضاً قالوا: إن الطعام له قيمة، أي: لو قال له: اشتغل عندي على أن أطعمك وأكسوك.
فإنه في هذه الحالة يطعمه بالمعروف ويكسيه بالمعروف، فله طعام مثله وكسوة مثله، يكون له طعامه بالمعروف وما درج عليه العرف، وعلى هذا: تجوز الإجارة بالمنقولات مثل الأطعمة.
ومثل أن يحدد له الأجرة بالمنقولات، فلا تختص بالأطعمة، ويمكن بالكساء، لو قال له: أوصلني إلى الحرم وأعطيك غترتي.
فإنه يصح، صحيح أن العرف ما درج بهذا، لكن الشريعة تجيز كل عوض مباح، أي: لا يختص عقد الإجارة بالذهب والفضة، ولا يختص بالطعام ولا بالكساء فقط، وإنما يشمل كل عوض مباح مأذون به شرعاً، فيجوز أن يقول لها: أن ترضع صبيه على أن لها الكسوة، فيكسوها بالمعروف كسوة الشتاء وكسوة الصيف، وهكذا بالنسبة للعامل.
لكن إذا كان الطعام غير معلوم وفيه جهالة؛ فإنه لا يصح؛ لأنه لا بد من أن يحدد له نوعية الطعام الذي يطعمه، وبناء على ذلك: لو قال له: اشتغل عندي الشهر بثمانمائة ريال وطعامك علي.
فحينئذٍ إذا جاءه بطعام كأن يعطيه -مثلاً- الأرز بدون لحم، يكون قد ظلمه؛ لأن العامل يكون عنده أرزه ويرتفق بإدامه إذا جرى العرف بذلك، فلو جاء له بالأرز وقال له: اصنع طعامك، أو جاءه بطعام خفيف مثل المكسرات ونحوها، وقال له: هذا هو طعامك، فهذا لا يجوز.
إذاً: الطعام لابد من تحديده، لا يقول له: أطعمك.
ويسكت، بل يحدد ويقول له: أطعمك -مثلاً- كل يوم دجاجاً، أو أطعمك لحماً.
فيحدد له حتى يعرف حق العامل، أما إذا لم يحدد وكانت فيه جهالة فإنه لا يصح ذلك حتى يحدد نوعية الطعام، ويكون ذلك بالمعروف دفعاً للضرر عن العامل.