[تعريف الغسل وحكمه]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [باب الغسل]: الغسل في اللغة: هو صبّ الماء على الشيء، واختلف العلماء -رحمهم الله- هل من شرط الغسل أن تمر يدك على الشيء، أم ليس من شرطه؟ فقال بعض أئمة اللغة: كل من صب الماء على الشيء وأصاب ذلك الشيء فقد صدق عليه أنه قد غسله.
وقال بعضهم: لا بد من إمرار اليد على الشيء المغسول.
وأصح الأقوال: أن الغسل لا يشترط فيه أن تمر يدك على المغسول، وأن الشيء إذا صببت عليه الماء فقد غسلته.
والمراد بالغسل في الشرع: تعميم البدن بالماء مع نية مخصوصة، وهي: قصد القربة لله جل وعلا، فخرج من عمَّم بدنه بالماء بقصد النظافة أو السباحة والاستحمام، فإنه لا يعتبر غسلاً شرعياً.
والغسل عبادة شرعية، شرعها الله جل وعلا وأوجبها على الجنب والحائض والنفساء ومن في حكمهم ممن هو مأمور بالغسل، والعلماء -رحمهم الله- من عادتهم أنهم يذكرون باب الغسل في كتاب الطهارة؛ والسبب في ذلك: أن الغسل طهارة كبرى، فبعد أن بين -رحمه الله- الوضوء -وهو الطهارة الصغرى- شرع في بيان أحكام الطهارة الكبرى وهي الغسل.
وقد يسأل سائل ويقول: أليس الغسل طهارة كبرى، والوضوء طهارة صغرى؟ فنقول: نعم، فيقول: إذا كان الغسل طهارة كبرى والوضوء طهارة صغرى فقد كان الأنسب أن يبدأ بالكبرى قبل الصغرى؛ لأن الصغرى قد تندرج تحت الكبرى.
وأُجيب عن ذلك بأن الوضوء أكثر من الغسل، بمعنى: أنك تتوضأ في اليوم أكثر من مرّة والغسل لا يقع إلا عند موجبه من جنابة أو غيرها.
وقد يجلس الأعزب سنة كاملة لا يجنب ولا يغتسل إلا مرة واحدة، فلما كان الوضوء أكثر وقوعاً، أو كما يقول العلماء: أعم بلوى، ابتدأ العلماء رحمهم الله بالوضوء ثم ثنّوا بالغسل، هذا من جهة النظر.
وبعبارة مختصرة نقول: قُدم الوضوء لعموم البلوى به وشدة الحاجة إليه، وأُخّر الغسل لندرة وقوعه أو قلة وقوعه بالنسبة للوضوء.
الأمر الثاني: أن الفقهاء والمحدثين -رحمة الله عليهم- يقدمون الوضوء على الغسل مراعاة لترتيب القرآن، فإن الله عز وجل في آية المائدة بيّن حكم الوضوء ثم أتبعه بالغسل.
أما مناسبة الغسل للطهارة: فلأنه نوع من أنواعها، فمن المناسب أن يذكر ما يتعلق به من أحكام.