[اختصاص أولاد الذكور في البطن الثاني وما بعده دون أولاد الإناث]
يبقى السؤال في مسألة تشريك البطن ذكوراً وإناثاً، ففي البطن الأول يشرِّك بين الذكر والأنثى، وفي البطن الثاني يخُص الاستحقاق بأولاد الذكور دون أولاد الإناث، مثلاً: إذا كان له محمد، وعبد الله، وصالح، وفاطمة، فكلهم يشتركون ويُقسم الاستحقاق على أربعة يستوي فيه الذكور والإناث.
فإذا أنجبت فاطمة فإن أولادها لا يستحقون؛ لأن أولادها أولادٌ لغيره وليسوا ولداً له.
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد ولذلك يُنسب للرجل ولا ينسب للمرأة كما هو معلوم، فحينئذٍ يشرك بين الذكر والأنثى في الطبقة الأولى، ثم ينظر في الطبقة الثانية التي هي البطن الثاني إلى ذرية الذكور دون ذرية الإناث، ثم هذا البطن الثاني وهم أولاد محمد وعبد الله وصالح يستوي ذكورهم وإناثهم، لكن الأنثى منهم لو أنجبت بطناً ثالثاً لا يكون له استحقاق في الوقف لأنه ليس من ولد الميت، إنما يختص ولده بالذكر والأنثى، وولد الذكر المحض.
كما أنه في الميراث لا يرث ابن البنت إلا من جهة ذوي الأرحام، وهذه مسألة سيأتي تفصيلها إن شاء الله في كتاب الفرائض، فما جعل الله عز وجل لهم استحقاقاً وإرثاً، لا فرضاً ولا تعصيباً من حيث الأصل، فابن البنت ابن لوالده الذي هو غريب عن الواقف، ولا يعتبر آخذاً حكم ابن الابن.
إذاً المسألة الثانية أننا نجعل أولاده مستوين ذكوراً وإناثاً بالنسبة للبطن الأول، وفي البطن الثاني نعطي الوقف لذرّية الذكور من البطن الأول، دون ذرية الإناث سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، فلو أن البنت أنجبت ابناً أو أنجبت بنتاً فالحكم واحد؛ لأن ابن البنت ابناً للغير، ولو أنه يُنسب إليه تجوُّزاً أو مسامحة، كقوله عليه الصلاة والسلام:(إن ابني هذا سيد)، فهذا من باب المسامحة.
وقال عليه الصلاة والسلام في النعمان بن مقرن رضي الله عنه:(ابن بنت القوم منهم).
فهذا كله مسامحة، لكن في حكم الله عز وجل في الاستحقاقات {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}[الطلاق:٣].
ولذلك تجد نسبة هذا الولد من البنت إلى أصلٍ ثان وهو أصل أبيه، ولا ينسب إلى والد أمه الذي هو الجد، فالذكور لهم حكم والإناث لهن حكم، وسلسلة النسبة والإضافة متعلقةٌ في حكم الدنيا بالآباء دون الأمهات.