بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله تعالى: [وإن قال: كلما طلقتك أو كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق.
فوجدا، طلقت بالأولى طلقتين وفي الثانية ثلاثاً].
تقدم معنا أن الطلاق له حالتان: الحالة الأولى: أن يوقعه الزوج منجزاً، كقوله لامرأته: أنت طالقٌ، فهذا طلاق منجز، حيث أمضى طلاقها دون أن يعلقه على شيء.
الحالة الثانية: أن يكون معلقاً، والتعليق له مسائل وأحكام اعتنى العلماء -رحمهم الله- ببيانها وتفصيلها، وبين المصنف -رحمه الله- مسائل التعليق، وذكرنا أن التعليق لا يكون إلا من زوج، وبينا أنه إذا وقع من الأجنبي فلا يقع على أصح أقوال العلماء رحمهم الله.
ثم هذا التعليق يشتمل على ربط حصول مضمون جملة على حصول مضمون جملة أخرى، وبينا أن لهذا التعليق أدواتٍ يتم من خلالها ربط الجمل بعضها ببعض، ومنها ما يقتضي التكرار، ومنها ما لا يقتضي التكرار، وبينا مسائل الطلاق بالشروط، وفصلنا جملة من تلك المسائل، وما زال المصنف -رحمه الله- في نوع خاص من التعليق، في معرض بيانه لتعليق الطلاق على الطلاق، فالطلاق قد يعلق على وقوع شيء إذا وقع وقع الطلاق، فيعلق إما على أقوال وإما على أفعال، ثم هذا الشيء إذا كان من جنس الطلاق فإنه يعتبر فرداً من أفراد تعليق الطلاق على وقوع الشيء، لأن التعليق قد يكون على الأقوال وقد يكون على الأفعال، والطلاق من الأقوال، فالمصنف -رحمه الله- لا زال في معرض بيانه للمسائل التي تتعلق بتعليق الطلاق على الطلاق، وتعليق الطلاق على الطلاق تارةً يكون تعليقاً لطلقة على وقوع طلاق منه، وتارةً ينسحب الطلاق ويتكرر.
قال رحمه الله:[وإن قال: كلما طلقتك أو كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق].