للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفرق بين: (كلما طلقتك) و (كلما وقع عليك طلاقي)]

هناك فرق بين الجملتين، فقوله: (كلما طلقتك) لا تقع الطلقة إلا بعد وقوع الطلاق منه، فأصبح الطلاق معلقاً عليه هو، وليس على وقوع الطلقة، وهناك فرق بين أن يعلق الطلاق على وقوعه من المطلق وبين أن يعلق الطلاق على مجرد وقوع الطلاق، فإذا علقه على تطليقه فلا تطلق إلا بتطليقه، ويكون الطلاق منحصراً في ذلك التطليق الذي يقع منه، وأما (كلما وقع عليك طلاقي) فقد علق الطلاق على وقوع الطلاق، فينسحب الطلاق وراء بعضه، فتطلق لوقوع الشرط الطلقة الأولى، فإن وقعت الطلقة الأولى جاء الشرط وتحقق للطلقة الثانية؛ لأنه كلما وقع عليها طلاق تقع طلقة ثانية لشرط ثان مستأنف، ويكون هذا مقتضياً للتكرار.

اللفظة الأولى: كلما طلقتك فأنت طالق، فلو قال لها: أنت طالقٌ فإنها تطلق عليه طلقتين: الطلقة الأولى: بقوله: أنت طالق، والطلقة الثانية: مرتبة على شرط بينه وبين الله، أنه إن طلقها فهي طالق، فيكون الطلاق معلقاً على وقوعه من المطلق، ولا تستطيع أن تحدث طلقة ثالثة بعد هاتين الطلقتين لأنه يتقيد الطلاق في هذا الشرط بأن يحصل منه الطلاق، ولم يحصل منه إلا مرةً واحدة فلا يتكرر.

اللفظة الثانية: كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق، فقد علق الطلاق على وقوع الطلاق، فإذا قال لها: أنت طالق، وقع عليها الطلاق فتطلق الطلقة الثانية، فإذا طلقت الطلقة الثانية، وقع عليها طلاق فوقع الشرط فتطلق الثالثة، هذا الفرق بين الصورة الأولى والصورة الثانية، يقول رحمه الله: (وإن قال كلما طلقتك أو كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق).

(كلما طلقتك) أسند إلى نفسه، (كلما وقع عليك طلاقي) أسند الطلاق ورتبه على وقوع الطلاق، وفي كلتا الصورتين لا يمكن أن يقع الطلاق في الابتداء إلا إذا حصل منه طلاق، فإذا حصل منه طلاق في قوله: (كلما طلقتك) فأسند الطلاق إلى نفسه؛ فتطلق طلقة واحدة مع الطلقة التي طلقها، لكن في قوله: كلما وقع عليك الطلاق مني فأنت طالق، فإنه إذا طلقها الطلقة الأولى؛ جاءت الطلقة الثانية بالشرط مثل الصورة الأولى، لكن هناك أمر آخر مرتب على الطلقة الثانية، وهو أنه كلما وقع طلاق تقع طلقة، فوقعت الثانية بالشرط ووقعت الثالثة بعدها بالوقوع؛ لأنه وقع طلاق فتحقق الشرط مرتين، ففي المرة الأولى تحقق بتطليقه، وفي المرة الثانية تحقق بوقوعه لتحقق الشرط فتطلق عليه ثلاثا.

ففي اللفظ الأول تطلق عليه مرتين، الطلقة الأولى بناءً على لفظه وتطليقه، والطلقة الثانية بناءً على شرطه، وأما في اللفظ الثاني: فإنها تطلق عليه ثلاثا، تطلق عليه الطلقة الأولى؛ لأنه طلق، وتطلق عليه الطلقة الثانية؛ لأنه وقع عليها طلاقه، وتطلق عليه الطلقة الثالثة لأنه وقع طلاقه بالطلقة الثانية، ولو كان الطلاق عشرين لانسحب الطلاق وراء بعضه حتى يستتم العشرين، هذا الفرق بين الصورة الأولى والثانية.

في الصورة الأولى: التكرار بوقوع الطلاق منه، وفي الصورة الثانية: التكرار بوقوع الطلاق؛ و (كلما) تقتضي التكرار، فيتكرر عليه الطلاق في الصورة الأولى بتكرره منه، كلما وقع منه طلاقه، ولا يتكرر إذا لم يقع منه طلاق، وفي الصورة الثانية: تقتضي (كلما) التكرار لحدوث الطلاق ويسحب بعضه بعضاً، فالطلقة الأولى موجبةٌ للثانية، والثانية موجبةٌ للثالثة، وهكذا حتى يستتم عدد الطلاق.

<<  <  ج:
ص:  >  >>