أشكل علي أن معرفة الأجرة من شروط صحة الإجارة، مع أننا نرجع إلى العرف إذا لم تسم الأجرة، فهل يعني أنه لا يبطل العقد إذا لم تعرف الأجرة؟
الجواب
معرفة الأجرة تشمل معرفة الجنس والنوع والقدر، فإذا قال له: استأجرتك على أن أعطيك ذهباً أو أعطيك فضة، أو أرضيك بالريالات، أو أرضيك بالفضة.
فيرجع إلى التفصيل بالعرف، وبناء على ذلك: إذا كان هناك عرف يقدر به الشيء فلا شك أنه يجوز، فتصبح مسألة العرف في حال وجود الجنس والنوع والقدر في العرف، وتصبح مسألة الشرطية للصحة كأصل عام.
وتوضيح ذلك أكثر كالآتي: الأصل أن الإجارة لا تصح إلا إذا عرفت الأجرة، لكن إذا كان هناك عرف، ومعلوم أنه ليس كل إجارة فيها عرف، فمثلاً: يمكن أن يستأجره في حمل الحديد في موضع لا يحمل فيه الحديد، ويمكن أن يستأجره في عمل لا يوجد هذا العمل وليس له عرف في موضعه، فالإجارة باطلة من حيث الأصل.
لكن أجرة المثل تقدر إذا تمت الإجارة وأتم العامل العمل، ثم بعد ذلك طالب بالأجرة؛ فحينئذ تقدر بالمثل، لكن إذا لم يكن لها عرف من حيث الأصل ولم يكن لها تقدير فإن الإجارة باطلة، وبناء على ذلك: لو اتفق معه على إجارة بمجهول فإن العقد باطل.
لكن لو أتما هذا العقد الباطل ومضيا فيه وقام العامل بالعمل، فإنه يستحق مالاً ويستحق حقاً، فيقدر بأجرة المثل، وهذا الذي جعل المصنف رحمه الله يخصص سكوت العاقدين، لكن عمم شرط معرفة الأجرة، ولا تعارض بين عام وخاص.
أي: ينبغي لطالب العلم أن يعلم أن الأصل عدم صحة الإجارة بالأجرة المجهولة، لكن لو أنه دخل وهناك عرف، فنقول: صحيح أنها لا تصح، لكن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، هذا بالنسبة للأشياء التي فيها عرف شائع، كأن تأتي وتسحب رغيف الخبز وأنت تعلم أن قيمة رغيف الخبز ريال؛ لأنه شاع وذاع، فلا تأتي وتقول: أشتري منكم رغيف الخبز بنصف ريال، أو بعني رغيف الخبز بنصف ريال.
لأن هذا درج به العرف وانتهى الأمر، فإذا وجد للشيء عرف وسكتا من أجل هذا العرف فإنه يصح، أما من حيث الأصل فإنه لا يجوز للعاقدين أن يتفقا على إجارة من مجهول، فلو أتم العامل العمل فإنه يقدر بأجرة مثله كما ذكرنا.