للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شروط القصاص]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على سبيله ونهجه واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله تعالى: [باب شروط القصاص].

بعد أن بين المصنف رحمه الله الأمور التي ينبغي توفرها للحكم بقتل العمد الذي يوجب القصاص من القاتل، شرع رحمه الله في بيان الشروط التي ينبغي توفرها لكي يحكم لولي المقتول بالقصاص من القاتل، وهذا ما ترجم له رحمه الله بهذه الترجمة: (باب شروط القصاص)، أي: في هذا الموضع سأذكر لك العلامات والأمارات التي نصبها الشرع لكي يحكم الفقيه ويقضي القاضي ويفتي المفتي بثبوت استيفاء القصاص، وتمكين ولي المقتول من الأخذ بحقه.

قوله: (شروط القصاص)، تقدم معنا تعريف الشروط أكثر من مرة، وأن الشرط: هو العلامة، وأما في الاصطلاح: فما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود.

وجمعها رحمه الله فقال: (شروط)؛ لتعددها واختلافها، فهناك شروط تتعلق بالمقتول، وهناك شروط تتعلق بالقاتل، فلا بد من توفر هذه الشروط حتى يحكم بالقصاص.

والقصاص مأخوذ من قولهم: قص الأثر إذا تتبعه: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ} [القصص:١١] أي: تتبعي أثره، فلما كان حكم الشريعة بالقود -وهو القصاص- يتتبع فيه ولي المقتول القاتل لكي يفعل به مثل ما فعل بالمقتول وصف بهذا الوصف، وهو وصف شرعي وردت به نصوص الشرع، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة:١٧٨]، فهو مصطلح شرعي، والمصطلحات منها ما هو مستقى من نص الكتاب والسنة، ومنها ما هو مفهوم من الشرع، فهذا مصطلح مستقى لفظاً من الشرع.

قال رحمه الله: [وهي أربعة].

إجمال قبل البيان والتفصيل، وقد تقدم أن هذا منهج العلماء رحمهم الله.

وقد ذكر المصنف رحمه الله أربعة شروط، شرطاً منها يتعلق بالمقتول، وشرطين يتعلقان بالقاتل، وإن شئت قلت: شرطاً يتعلق بالقاتل وهو كونه مكلفاً، وشرطين مجتمعين يتصل بهما القاتل بالمقتول، وهي قضية المكافأة والمساواة، وقضية عدم البعضية أو عدم الولادة، أو ألا يكون القاتل والداً للمقتول، سواء كان ذكراً أو أنثى، فيشمل الأب ويشمل الأم، وسواء كان مباشراً كالأب المباشر أو بواسطة كجده وإن علا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>