أنا شابٌ مصابٌ بسلس البول أكثر من سنتين وقد شق ذلك علي، فما الحكم؟
الجواب
نسأل الله العظيم أن يشفيك وأن يعافيك، وأن يمن بالشفاء على جميع مرضى المسلمين.
أولاً: أوصيك بالصبر واحتساب الأجر عند الله عز وجل، فإن البلاء -خاصةً- إذا كان في الدين يكون أعظم أجراً، وبلاؤك هذا في الدين؛ لأنه كما أنه مضرةٌ بالبدن، ويُتعِب الإنسان من حيث عنايته بانتباهه لبوله وأذى البول، كذلك أيضاً هو مضرةٌ في الدين؛ لأن الإنسان ينشغل وتعتني نفسه بهذا الخارج، ويُصبِح في هم وقلق، خاصةً إذا دخل عليه وقت الصلاة، وقد وجدت ذلك ورأيته فأبشر بخير، والله أعلم كم لك من الأجر في هاتين السنتين اللتين مضتا، فأبشر بخير، وأنعم عيناً بالله عز وجل، فإن الله سيرضيك إذا صبرت واحتسبت، والله يقول عن أيوب عليه السلام:{إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}[ص:٤٤]، فمن صبر فإن الله يُنعم عليه، فاصبر بارك الله فيك، واعلم أن الذي ابتلاك هو ربك، وليس لك إلا الرضا عن الله عز وجل، فأوصيك أولاً بالصبر واحتساب الأجر عند الله.
والأمر الثاني: أن تأخذ بالأسباب فإذا دخل وقت الصلاة، وكان السلس مسترسلاً فإنك تتوضأ لدخول وقت كل صلاة، فتتوضأ عند أذان الظهر ثم تصلي الظهر، وتضع إذا أمكنك قطنةً لخروج البول إذا كانت تحبس البول.
أما إذا كانت تضر بك وتجحِف بك وتحدث الضرر فحينئذٍ لا حرج عليك، بعد أن تتوضأ في أول الوقت ولو خرج الخارج؛ لأنه ليس بإمكانك إلا أن تصلي على هذا، والله لا يكلفك إلا ما بإمكانك، كما قال سبحانه:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦]، فهذا الذي في وسعك.
أما لو كان السلس متقطعاً بحيث يمكن أن يسلم وقت الصلاة لك، بحيث تمكث -مثلاً- ربع ساعة لا يخرج شيء فصلِّ في ربع الساعة ولو أدى ذلك إلى فوات الصلاة مع الجماعة، فإن الصلاة مع الجماعة يجوز تركها تحصيلاً لشرط الطهارة المتصل بالصلاة، فإيجاب الجماعة منفصل، والطهارة إيجابٌ متصل، فيقدم الواجب المتصل على الواجب المنفصل.
أما إذا كان لا يسع الوقت فحينئذٍ تنزل وتصلي مع الجماعة، ولو خرج منك البول، والله تعالى أعلم.