للعلماء رحمة الله عليهم في سبب مشروعية زكاة الفطر أوجه، فمنهم من يقول: شرع الله زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث، والسبب في ذلك: أن الإنسان ضعيف، يعتريه ما يعتريه من الجهل، كما وصفه تعالى بالجهل والظلم:{إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[الأحزاب:٧٢]، فلا يأمن أثناء صيامه من الشتم، والرفث الذي يلغو به وغير ذلك من الخطايا التي لا تصل إلى حد الكبائر، فجعل الله صدقة الفطر مطهِّرة لهذا النقص الذي يعتريه في صيامه.
ومن العلماء من قال: إن صدقة الفطر شُرعت من أجل الضعفاء والمساكين، والسبب في هذا: أنهم إذا أُعطوا صدقة الفطر أُعينوا على الفرح بالعيد والسرور به، ولذلك ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أغنوهم عن السؤال يوم العيد وليلته) ولكنه ضعيف؛ إلا أن العلماء يقولون: معناه صحيح، والشرع يقصد إغناء الفقراء، بدليل أنه فرض هذه الزكاة وخصّها للفقراء والضعفاء.
ويقول بعض السلف رحمة الله عليهم: إن صدقة الفطر -بناءً على القول الأول- تكمّل الصوم وتجبر كسره، على ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عباس وقد حسنه غير واحد من العلماء:(فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان طعمة للمساكين وطهرة للصائم من اللغو والرفث) فقالوا: إنه على هذا الوجه تكون صدقة الفطر بمثابة سجود السهو للصلاة، فإنه يجبر النقص فيها، وكالهدي في الحج، فإذا حج الإنسان متمتعاً أو قارناً فإنه يجبر النقص به، والسبب في ذلك: أن المتمتع كان ينبغي عليه بعد انتهاء عمرته أن يرجع إلى ميقاته ويُحرم بالحج؛ ولكنه أحرم بالحج من مكة فكان حجه نقصاً، ولذلك المكي لا يجب عليه دم؛ لأنه أحرم من الميقات في النسكين، فلذلك شُرع الدم جبراناً لهذا النقص، وهكذا القارن؛ لأنه في معناه، وعلى هذا قالوا: إنها -أي: زكاة الفطر- بمثابة الجبر للنقص في صيام المكلف على ظاهر الحديث الذي ذكرناه.