[اشتراط النية قبل الجمع بين الصلاتين وبقاء العذر إلى دخول وقت الثانية]
قال رحمه الله تعالى:[وإن جمع في وقت الثانية اشترط نية الجمع في وقت الأولى إن لم يضق عن فعلها واستمر العذر إلى دخول وقت الثانية].
إذا كان الإنسان يريد أن يؤخر الظهر إلى وقت العصر، أو المغرب إلى وقت العشاء فإنه ينوي عند تأخيره أن يجمع، أما إذا لم ينو فإنه حينئذٍ تخرج عليه الصلاة الأولى، فيكون كأنه ترك الصلاة الأولى، فتعتبر صلاة قضاء لا صلاة جمع، والدليل على ما ذكرناه قوله عليه الصلاة والسلام:(إنما الأعمال بالنيات)؛ لأن من ترك الصلاة الأولى حتى دخل وقت الصلاة الثانية لا يخلو من حالتين: الأولى: أن يكون معذوراً لنسيان أو نوم ونحو وذلك.
الثانية: أن يكون غير معذور.
فلما لم ينو الجمع دخل في حكم غير المعذور، وبقيت صلاته قضاءً لا جمعاً.
وقوله:[واستمرار العذر إلى دخول وقت الثانية] بمعنى أنه يستمر المطر إلى دخول وقت الثانية، وهكذا السفر، فلو أن جماعة خرجوا لتدريس ونحو ذلك مسافة مائة كيلو، ثم رجعوا بعد انتهاء التدريس وأرادوا أن يجمعوا بين الظهر والعصر -لأنهم إذا دخلوا مكة سيكونون في عناء السفر ومشقة السفر، وقد يصعب عليهم أن يصلوا بعد التعب أو يكون عندهم من الخشوع ما يستحضرون به الصلاة- فنقول: فيه تفصيل: فإن كان دخولهم إلى مكة بعد دخول وقت الثانية فحينئذٍ يصح جمعهم؛ لأن العذر استمر إلى دخول وقت الثانية وهم مسافرون، فترخصوا برخصة لوجود موجبها، وأما لو دخلوا قبل أذان العصر فحينئذٍ لا يعتد بجمعهم، وعليهم أن يصلوا ثم بعد ذلك يرتاحون، فلو شق عليهم أن ينتظروا الجماعة نقول: امضوا إلى بيوتكم وصلوا؛ لأن الإنسان إذا شق عليه حضور الجماعة وانتظار ثلث الساعة أو نصفها الذي بين الأذان والإقامة بحيث يشق عليه فحينئذٍ يجوز له أن يقيم وأن يصلي العصر، ويكون ممن رخص له في الجماعة، كما تقدم معنا في أعذار ترك الجماعة.