إذا قال الزوج لزوجته: إن فعلت ذلك فأنت طالق قاصداً زجرها فلم تفعل ذلك، وانتهت المصلحة التي قصدها من وراء الزجر فهل يذهب حكم الطلاق أم لا؟
الجواب
بينا هذه المسألة: قصد الزجر، وهذا كله لا تأثير له، المؤثر عندنا أنه علق الطلاق بينه وبين الله على وقوع شيء، وهذا مذهب جماهير السلف ومنهم الأئمة الأربعة رحمة الله عليهم، فمن علق الطلاق على فعل أو ترك فنغض النظر عن كونه قاصداً أن يفعل أو يترك، فهذا الذي بينه وبين الله، والشريعة أعطته الطلاق معلقاً وأعطته الطلاق منجزاً، فإن شاء طلق امرأته، وإن شاء أبقاها، فإذا أقدم على الأحموقة -كما قال ابن عمر رضي الله عنه- فارتكب الأحموقة وجعل طلاقه معلقاً على شيء ألزمناه ما تلفظ به؛ لأن الله يقول:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}[الطلاق:٢] وهو قد تقحم هذا الحد من حدود الله، فإن الطلاق من حدود الله، فإذا تعدى هذا الحد وألزم نفسه ما لم يلزمه الشرع؛ فإنه يلزم بما التزم، وهذا لا إشكال فيه فإن الأصل الشرعي دالٌ عليه.
فنقول: إذا علق طلاقه على فعل شيء أو ترك شيء فإنه ملزمٌ بهذا التعليق ويبقى التعليق على إطلاقه إلى الأبد، إلا إذا وجد ما يدل على التقييد والتخصيص، كأن يكون ذلك في حال خصومة معينة، وانقضت في الحال وبينه وبين الله تقييدها بهذا، أو كان الظرف الذي علق عليه من الظروف التي تنشأ وترتب على أحوال معينة، وقصد حالة دون أخرى، فحينئذٍ يتقيد بذلك القيد، والله تعالى أعلم.