فلا يصح أن يولى كافر، قال تعالى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}[النساء:١٤١]، حتى لو كانوا كفاراً من أهل الكتاب، وأرادوا أن نولي عليهم قاضياً لا نولي إلا مسلماً؛ لأن الله أمرنا أن نحكم بينهم بالعدل وبشريعتنا، فلا نولي قضاتهم وإنما نولي قضاة مسلمين، لكن لو كانوا يرجعون إلى قضاة فيما بينهم فهذا قدمنا أحكامه في أحكام أهل الذمة.
وقوله:[عدلاً].
ومن يجتنب الكبائرا ويتقي في الأغلب الصغائرا العدل هو: الذي لا يفعل الكبيرة ولا يصر على الصغيرة، فيشترط أن يكون القاضي عدلاً؛ لأن العدالة تحمل على إحقاق الحق وإبطال الباطل، فكما أنه يشترط في القاضي التكليف، كذلك يشترط فيه العدالة، فلا يجوز تولية الفاسق؛ لأن الفسق فيه إضاعة لحق الله عز وجل، ومن ثبتت خيانته في حق الله فإنه سيخون في حق المخلوق من باب أولى وأحرى، ومن هنا لا يولى الفاسق القضاء إلا في أزمنة خاصة يتعذر فيها وجود العدول، أو يكون فسقه خارجاً عن القضاء، يعني: لا يؤثر في قضائه، مثلاً: يشرب الخمر، لكنه من أصدق الناس، وعنده تحفظ ورعاية، لكنه مبتلى بشرب الخمر، فحينئذٍ يولى إذا كان هذا لا يؤثر في قضائه.
فالشاهد من هذا: أن الفسق إذا لم يكن متعدياً للولاية فقد قرر الأئمة خاصة عند فساد الزمان أنه يجوز تولية أمثل الفساق.