[حكم استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة]
[ويحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير بنيان].
ويحرم على المكلف أن يستقبل القبلة ويستدبرها في غير بنيان.
هذه المسألة فيها أقوال للعلماء: القول الأول: يحرم الاستقبال والاستدبار مطلقاً.
القول الثاني: يجوز الاستقبال والاستدبار مطلقاً.
القول الثالث: يجوز الاستدبار دون الاستقبال.
القول الرابع: يجوز الاستدبار دون الاستقبال في البنيان دون الصحراء.
القول الخامس: يجوز الاستقبال والاستدبار في البنيان دون الصحراء.
القول السادس: يحرم استقبال القبلة ببول أو غائط وكذلك بيت المقدس، وهو قول بعض السلف، فزاد أمراً ثالثاً، وهو بيت المقدس.
وهذه الأقوال هي أشهر أقوال العلماء رحمة الله عليهم في هذه المسألة، وأصح أقوالهم، وقد بسطت هذه المسألة في شرح البلوغ، وذكرت الأقوال مسندة إلى مذاهب العلماء رحمة الله عليهم.
من حرم مطلقاً كالحنفية وهو اختيار شيخ الإسلام وقول ابن حزم.
ومن أجاز مطلقاً كالظاهرية ومن وافقهم، وهو قول بعض السلف.
ومن أجاز في البنيان دون الصحراء كما هو قول الجمهور: من المالكية والشافعية والحنابلة.
ومن أجاز الاستدبار دون الاستقبال في البنيان، كما هو رواية عن الإمام أبي حنيفة.
ومن أجاز الاستدبار دون الاستقبال مطلقاً في بنيان أو صحراء فهو قول بعض السلف، والرواية الثانية عن أبي حنيفة وأحمد.
والقول السادس أنه يحرم استقبال القبلة واستدبارها وكذلك بيت المقدس، وهو قول بعض السلف، ومأثور عن الحسن البصري.
هذه الستة الأقوال ذكرناها بأدلتها ورددنا على هذه الأدلة.
والصحيح: أنه لا يجوز استقبال القبلة واستدبارها لا في بنيان ولا صحراء؛ وذلك لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط، ولكن شرقوا أو غربوا).
وأما الاستدلال بحديث ابن عمر فيجاب عنه من وجوه: منها: أن دلالة الفعل لا تعارض دلالة القول الصريحة المخاطب بها جميع الأمة.
الوجه الثاني: أنه يحتمل التخصيص؛ لأن في النبي معنى التعظيم الذي لا يوجد في سائر الأمة.
والجواب الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد بيان هذا الحكم وإلا بينه باللفظ.
الوجه الرابع: أنه يحتمل النسخ، إذ يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك قبل النهي.
الوجه الخامس: (أنه إذا تعارض الحاظر والمبيح قدم الحاظر على المبيح)، كما هي القاعدة.
فالصحيح: أنه لا يجوز الاستقبال والاستدبار مطلقاً لا في البنيان ولا في الصحراء.