قال رحمه الله تعالى:[الأول: الأمن من الحيف] معنى الأمن من الحيف أي: من الزيادة في القصاص على مقدار الجناية، والدليل على ذلك أن الله تعالى أوجب القصاص؛ كما نص على ذلك دليل الكتاب، ودليل السنة الصحيحة في قوله صلى الله عليه وسلم:(كتاب الله القصاص)، ولا يمكن أن يتحقق القصاص مع وجود الزيادة؛ لأن الجاني حينها يكون مظلوماً، ومن هنا قالوا: لو أنه قلع عينه، وغلب على الظن أننا لو قلعنا عينه بالطريقة التي قلعها الجاني أننا سنزيد ولا نأمن أن تحدث مضاعفات، وقد يموت الجاني، ففي هذه الحالة لا يقتص؛ لأن الجناية التي فعلها الجاني لا يمكننا أن نفعل مثلها بالجاني، وحينئذٍ لا يتحقق القصاص الذي أوجب الله عز وجل وفرضه.
وعلى هذا إذا لم تُؤمن الزيادة، ولم يُؤمن الحيف، فإنه لا يجب القصاص.
قال رحمه الله:[بأن يكون القطع من مفصل].
هذا تفصيل وتفسير لما تقدم، فالأمن من الحيف يتحقق بوجود نهاية للعضو المجني عليه، فيمكننا عند القطع أن نصل إليها، فإذا قطع كفه فعندنا مفصل الكف، وإذا جئنا نقطع كف الجاني فإننا نأمن الزيادة؛ لأن عندنا حداً واضحاً نقف عنده، فحينئذٍ القطع فيه أمن من الحيف والزيادة، فيجب حينئذٍ القصاص ويثبت، ولذلك قال رحمه الله:[أو له حد ينتهي إليه]، وذلك مثل أن يكون له مفصل كالكف والأصابع، فلو أنه أخذ أنملة من أصبع فإنه يمكن أن تؤخذ نفس الأنملة من الجاني؛ لأن لها مفصلاً، فيمكن تحقق المساواة، وحصول العدل المطلوب بالقطع والبتر والإبانة من هذا المفصل.
قال رحمه الله:[كما رن الأنف وهو ما لان منه].
أي: كما في مارن الأنف، فلو أخذه بسكين فجدعه جدعنا المارن من الجاني، وحينئذٍ يتحقق العدل وتحقق المساواة.