قال رحمه الله تعالى:[ولا يفرق بينهما إلا بمقدار إقامة ووضوء خفيف ويبطل براتبة بينهما].
قوله:[ولا يفرق بينهما] يعني: لا يفرق بين الظهر والعصر، ولا بين المغرب والعشاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الفاصل بين الصلاتين قليلاً، فلما صلى عليه الصلاة والسلام المغرب والعشاء ليلة النحر بمزدلفة تركهم بقدر ما يحط الإنسان رحله، ولذلك قالوا: بقدر ما يتوضأ الإنسان ويفرغ من وضوئه.
وهذا هو الهدي، يقولون: لأن الجمع بين الصلاتين جعل الصلاتين قد صارتا بمثابة الصلاة الواحدة، فلا تدخل بينهما راتبة، ولا تدخل بينهما فاصلاً مؤثراً، كمن ينام نوماً يفصل بين الصلاتين به، أو كشغل يخرج به عن الصلاة، قالوا: فإذا وقع الفاصل فإنه لا جمع، وحينئذٍ يصلي الثانية في وقتها ولا يجمع جمع التقديم.
قوله:[ويبطل براتبة بينهما].
ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسن بين المغرب والعشاء، فقال:(ولم يسبح على إثر واحدة منهما) كما في الصحيحين، فدل على أنه لا يصلي الراتبة بينهما.
قال رحمه الله تعالى:[وأن يكون العذر موجوداً عند افتتاحهما وسلام الأولى].
هذا في المطر، فلو أن الإنسان أراد أن يجمع في المطر بين المغرب والعشاء، فيشترط عند تكبيرة الإحرام أن يكون المطر موجوداً، فيكبر للمغرب والمطر موجود، ويسلم من المغرب والمطر موجود، وحينئذٍ يقيم ويصلي العشاء ويكبر ويكون المطر موجوداً، فلو أنه كبر للمغرب والمطر موجود، ثم بعد ذلك انقطع المطر، فسلم والمطر منقطع، فحينئذٍ لا يجمع؛ لأن موجب الرخصة غير موجود، وينتظر إلى دخول وقت الثانية، لكن لو أنه كبر ثم انقطع المطر بعد تكبيره حتى كان في الركعة الثالثة، فنزل المطر فسلم والمطر ينزل، فأقام وكبر للعشاء والمطر لا زال نازلاً، ثم بعد ذلك انقطع قبل سلامه من العشاء صح فعله وأجزأه.
وقال بعض العلماء: لا يصح إلا إذا سلم من العشاء والمطر موجود.
وهذا على مسألة:(هل العبرة بالابتداء، أو العبرة بالانتهاء) كمسألة من تيمم ثم رأى الماء أثناء الصلاة، فإن قلنا: العبرة بإحرامه مضت له الرخصة ولا يقطع، وإن قلنا: العبرة بسلامه -وهو أحوط ورجحناه في التيمم- فإنه حينئذٍ لا يعتد بجمعه.