الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: يقول المصنف رحمه الله تعالى: [فصل: ومن تسلم زوجته أو بذلت نفسها ومثلها يوطأ، وجبت نفقتها ولو مع صغر زوجٍ ومرضه وجبه وعنته].
بعد أن بيّن المصنف رحمه الله وجوب النفقة على الزوجة وبيّن ما تقدر به النفقة، والأحكام والمسائل المتعلقة بهذا الأصل، شرع في بيان متى تستحق المرأة النفقة.
فهناك أصلٌ ينبغي اعتباره: وهو أن الزوج إذا سلمت إليه الزوجة ومُكّن منها فقد وجبت عليه نفقتها، وهذا الأصل نبّه عليه رحمه الله في بداية هذا الفصل؛ لأن الله سبحانه وتعالى رتب النفقة على الاستمتاع وعلى قيام الزوجة بحقوق زوجها، وبينا ذلك في مسائل النشوز، وإذا ثبت هذا فإنه إذا تسلّم الزوجة ومُكّن من الاستمتاع منها فإنه حينئذٍ تجب عليه نفقتها، لكنه لو عقد على الزوجة ولم يتسلمها ولم يُمكّن منها فإنه لا تجب عليه نفقتها، وتبقى نفقتها على أبيها أو على إخوانها وقرابتها أو على نفسها إن كانت مستطيعة أن تنفق على نفسها، حتى يُمكّن الزوج منها وتسلّم إليه.