قال رحمه الله تعالى:[ثم إن كان متمتعاً لا هدي معه قصر من شعره وتحلل].
أي: إن كان متمتعاً لا هدي معه فإنه يقصر من شعره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (ندب أصحابه، وأمرهم أن يفسخوا حجهم بعمرة فتحللوا، أمر من لم يسق الهدي أن يتحلل، وأن يجعلها عمرة، فقالوا: يا رسول الله! أيُّ الحل؟ قال: الحل كله، قالوا: يا رسول الله! أنذهب إلى منىً ومذاكرنا تقطر منياً -فأثبت عليه الصلاة والسلام هذا الحكم- قال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة)، فرغب عليه الصلاة والسلام، وأكد في فسخ الحج بالعمرة، وجعله لازماً لأصحابه، وطيب خواطرهم بالقول فقال:(لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة)، وقال عليه الصلاة والسلام في اللفظ الثاني في الصحيح:(إني قلدت هديي ولبدت شعري، فلا أحل حتى أنحر)، فأمر أصحابه أن يتحللوا بعمرة.
فإذا كان الإنسان لم يسق الهدي، وأراد أن يتمتع، فإنه حينئذٍ يتحلل بعد انتهائه من السعي كما تحلل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ويُقَصِّر شعره حتى يجعل فضيلة الحلق لحجه، هذا إذا كان الفاصل قصيراًَ، ولكن استحب جمع من العلماء أنه يحلق؛ لأنه بإمكانه أن ينبت له الشعر فيما بين عمرته وبين حجه، فيُصيب الدعاء بالرحمة في الموضعين، وهذا لا شك له وجه، وأما إذا قَصُر الوقت فإن التقصير أفضل، وكونه يجعل الدعاء بالرحمة للحج قالوا: إنه أفضل، فيقصر من شعره، ويترك الحلاقة لتحلله من حجه.
قال رحمه الله تعالى:[ثم إذا كان متمتعاً لا هدي معه قصر من شعره وتحلل، وإلا حل إذا حج].