قال رحمه الله:[وإن قال: في غد، أو السبت، أو رمضان؛ طلقت في أوله] المسألة السابقة: إذا قال لها: أنت طالق اليوم، أنت طالق الأسبوع، ضابطها في الظرفية، أي: يأتي بوصف يكون وقت التلفظ داخلاً في ذلك الزمان، فإن قال: الساعة؛ فإنه وقت تكلمه هو في الساعة، وإن قال: الأسبوع؛ فإن اليوم الذي تكلم فيه هو من الأسبوع؛ لأنه قال: هذا الأسبوع، فقد قيد بالزمان الذي تلفظ به، وجعله يوماً، أو أسبوعاً، أو شهراً.
لكن إذا قال لها: أنت طالق غداً، أو في غد، تارة يأتي غداً-على الظرفية-، وفي غد-صيغة الجر-، فإن قال لها: أنت طالق في غد، يرد السؤال -وقد عرفنا أنه إذا أسند إلى يوم الكلام، أو ظرف الكلام؛ طلقت حالاً- فإذا أسند إلى غد، قال لها: أنت طالق غداً، هل تطلق بأول اليوم، أي: بمجرد ما تطلع الشمس على الغد نقول: طلقت، أو ننتظر إلى آخر اليوم، ونطلقها عند آخر ساعة من الغد؟ أو نطلقها في نصف الغد؟ وجهان للعلماء، قال بعض العلماء: إذا أسند الطلاق للمستقبل؛ طلقت، ووقع الطلاق في أوله، فإذا قال لها: أنت طالق غداً؛ فإنها زوجته، ويستمتع بها، ويحل له ما يحل منها، ما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس؛ فحينئذ تحرم عليه، ويكون الاعتبار بابتداء اليوم، مالم ينو آخره كما ذكرنا في الأوصاف المعتبرة، والقيود المؤثرة.
قوله:(أو السبت) إما أن يسند إلى الغد المباشر، أو يسند إلى يوم بعده، كقوله: في السبت؛ يعني: في يوم السبت القادم، فالعبرة بمغيب الشمس من آخر اليوم الذي قبله، فينتهي يوم الجمعة بمغيب شمسه، ويبدأ السبت بذلك المغيب، فنحكم بكونها طالقاً بغروب شمس يوم الجمعة، ولا ننتظر إلى طلوع شمس يوم السبت، والإسناد في هذه المسائل يكون إلى العرف لكن إذا قيل: اليوم؛ فابتداؤه من ابتداء عشيّه من الليل، ولذلك قال:{لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}[النازعات:٤٦] فأسند الضحى إلى العشي، فدل على أن عشية كل يوم قبله، ولذلك قال تعالى:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}[البقرة:١٨٥]، فقالوا: يشرع التكبير ليلة العيد؛ لأن العدة قد كملت بمغيب شمس آخر يوم من رمضان، فلما قال الله تعالى:{لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}[النازعات:٤٦] دل على أن عشية كل يوم قبله إلا يوم عرفة؛ فإن عشيته بعده، وهذا هو المستثنى، واختُلف في أيام التشريق؛ هل ينسحب الحكم عليها، ويتفرع عليها جواز الرمي بعد غروب الشمس؟ وتقدمت معنا هذه المسألة في المناسك، وذكرنا أن بعض العلماء قال: ينسحب العشي في حكم الجمار، ويرمي ما لم يطلع فجر اليوم الذي بعده، ويجوز رميه في يوم العيد، مالم يطلع فجر الحادي عشر، ويرمي الحادي عشر، ما لم يطلع فجر الثاني عشر، وقس على ذلك.
قوله:(أو رمضان؛ طلقت في أوله) أي: إذا قال لها: أنت طالق في رمضان؛ فهي تقتضي الظرفية، أي: في شهر رمضان، فإذا دخل رمضان -في أول دخول رمضان، وثبوت رمضان بمغيب شمس آخر يوم من شعبان- حُكم بطلاقها، كما ذكرنا في الأيام، وكذلك في الأسابيع؛ يكون الحكم واحداً.