ثم هذه الجناية وهذا الاعتداء تارة يكون عمداً وقصداً، فيعتدي على النفس فيزهقها عمداً وعدواناً، وتارة يكون خطأً؛ مثل ما إذا دهس بسيارته شخصاً فقتله، وهو لا يقصد قتله.
وأيضاً الاعتداء على الأطراف تارة يكون عمداً وقصداً؛ مثل ما يقع في المشاجرة والنزاع، فيقدم على قطع يده، أو ضربه في مكان يشل حركته، أو يعمي بصره، أو نحو ذلك من الأضرار.
هذا بالنسبة للجناية على النفس وعلى البدن، وهذا ما يسميه العلماء بـ (الجنايات)، ويخصونه بكتاب الجنايات.
وأما الاعتداء على الأموال، والاعتداء على الأعراض؛ فقد اصطلحوا على تسميته بأسماء تخصه، ووضعوه في كتب مستقلة؛ فمثلاً: الاعتداء على الأموال سموه: غصباً، وسموه: سرقة.
فسموه غصباًَ إذا كان الاعتداء على المال علانية وجهراً، وسرقة: إذا كان خفية، واختلاساً: إذا كان على طريقة لم يشعر بها الإنسان، ولم تتحقق فيها صفات السرقة.
وهذا قد تقدم معنا في باب الغصب، وذكرنا أن الفرق بين الغصب والسرقة: أن السرقة تكون خفية، والغصب يكون علانية.