قال المصنف رحمه الله:[والبناء عليه]: أي: أن البناء على القبر محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور، وقد ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه عتب على اليهود والنصارى بناء الكنائس على العبد الصالح إذا مات منهم، وقال:(أولئك شرار الخلق) فعدهم من شرار الخلق، والسبب في هذا: أن أعظم الأمور وأجلها عند الله سبحانه وتعالى، والتي أنزل من أجلها كتبه وأرسل رسله، هي التوحيد وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى.
والبناء على القبور مفضٍ إلى التعظيم، وإلى الاعتقاد فيها والتعلق بأهلها وأصحابها؛ ولذلك كان البناء من كبائر الذنوب المحرمة التي لا يجوز فعلها، ولا شك أن الحي أولى بالبناء من الميت؛ أما الميت فعمران داره بالعمل الصالح، وبما يكون منه من الخير وما قدم لآخرته، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، أما البناء فإنه لا ينفعه بشيء.
ولذلك لما افتتن الناس بالبناء على القبور حصلت الأمور المحظورة، فكان الأولون يبنون، ثم خلف من بعدهم خلوف اعتقدوا تعظيم القبور، ثم خلف من بعدهم خلوف طافوا بها واستغاثوا بأهلها واستجاروا بهم، حتى صرفوا ما لله لعباد الله، وكل ذلك من أعظم الأمور وأشدها؛ لأنه يمس عقيدة الإنسان وإيمانه بالله سبحانه وتعالى، ويفضي إلى الشرك بالله عز وجل.
وقد أجمع العلماء والفقهاء رحمهم الله على اختلاف مذاهبهم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية على تحريم البناء على القبور، وأن هذا الفعل من كبائر الذنوب، وأنه لا يترك البناء على القبر لما فيه من فتنة الحي وصرفه إلى تعظيم المقبور، وهذا كما هو محل إجماعٍ بين العلماء رحمة الله عليهم، فالنص أيضاً ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريم البناء على القبر.