قال رحمه الله:[وإذا شُك في الرضاع أو كماله، أو شكت المرضعة ولا بينة فلا تحريم] يقول المصنف رحمه الله: (وإذا شُك في الرضاع) الشك: استواء الاحتمالين، دون وجود مرجح، فإذا استوى الاحتمالان وجوداً وعدماً، فإننا نبقى على الأصل، فنحن لا نحكم بالرضاع إلا إذا ثبت وجوده، أما إذا لم يثبت أن هناك رضاعاً فإننا لا نحكم بالشكوك، لأن الأصل واليقين أنها أجنبية، وأنها حلال، ولا نعدل عن هذا اليقين إلا بيقين مثله.
(أو كماله) مثلاً: قالت المرضعة: أرضعته أربع رضعات وأنا متأكدة منها، لكن الخامسة أشك فيها.
هل تم العدد أو لا؟ فحينئذ يقال: اليقين أنها أربع رضعات حتى يستيقن أنها خمس.
(أو شكت المرضعة ولا بينة) يعني: شكت هل هذا محمد الذي ارتضع منها أو غيره، ولا بينة تبين حقيقة الحال، وسميت البينة بينة؛ لأنها يتبين بها جلي الأمر، ويكشف فيها وجه الحق، ويظهر بها الصواب، فإذا لم تكن هناك بينة، يعني: ما كان هناك شهود يبينون من الذي رضع، فحينئذ لا نحكم بهذه الظنون، ولا نحكم بهذه الاحتمالات، ويبقى الحكم على الأصل.
(فلاتحريم) أي: أن عقده عليها صحيح وهي زوجته، حتى يثبت له موجب التحريم بيقين، ولذلك تقدم معنا في القاعدة الشرعية:(اليقين لا يزال بالشك) فإذا شك في الأعداد بنى على الأقل الذي هو اليقين، ودائماً إذا شك هل هناك رضاع؟ أو ليس هناك رضاع؟ فمعناه: هل هي حرام، أو حلال؟ فالأصل أنها حلال حتى نستيقن أنها حرام، وإذا شك هل هي أربع رضعات أو خمس؟ فاليقين أنها أربع، والخامسة محل شك، فنبني على الأربع، وقس على هذا مثلها من المسائل.