قال رحمه الله:[عاقلة الإنسان عصبته كلهم من النسب] قوله: (عاقلة الإنسان عصبته كلهم) أي: أن عاقلة الإنسان إذا جنى جناية هم عصبته، لو أنه قاد سيارة ودهس شخصاً، أو كان معه في السيارة أربعة أشخاص وماتوا، وكان متسبباً في موتهم، فعليه أربع ديات، من الذين يتحملون هذه الديات؟ هم العاقلة، وهم عصبته كلهم، العصبة هي الأقرب فالأقرب.
وعصبة الإنسان هم عمود النسب: أولاً: آباؤه وإن علوا، أبيه وأبو أبوه الذي هو جده من جهة الذكور متمحضاً بالذكور دون الإناث.
ثانياً: أولاده الذكور وفروعه من الذكور: أبناؤه وأبناءُ أبنائه وإن نزلوا، فالإناث لا يدخلون في هذا التعصيب.
ثالثاً: فروع أبيه كإخوانه الأشقاء، ومن شاركه في والده وهم الأخوة لأب دون الأم، فالأخ لأم ليس من العصبة ولا يتحمل.
ثم رابعاً: ننظر إلى من شاركه في جده الذين هو أصل أبيه، وهم أعمامه الأشقاء، وأعمامه لأب، وأبناؤهم.
خامساً: ننظر من شارك أبا الجد، ثم من شارك جد الجد، ننظر في هؤلاء الأقرباء، إن كان عندهم قدرة وعندهم مال، واستطاعوا أن يدفعوا خمسين ألفاً التي هي نصف الدية، أو مائة ألف فلا إشكال، حينئذٍ نكتفي بالأقرباء، الأقرب فالأقرب، فإذا كانوا فقراء وضعفاء وفيهم من لا يتحمل، وظروفهم لا تساعد ننتقل إلى الأبعد فالأبعد، حتى نصل إلى جميع العشيرة، يعني: ينظر إلى الأقرب، ثم إلى العشيرة، ثم إلى القبيلة بكاملها فيتقسم عليها، فلو كانت القبيلة قليلة العدد، قليلة المال، ولا تستطيع، ولها حلف مع قبيلة أخرى، انتقلت العصبة إلى القبيلة الأخرى كما ذكرنا في العقل بالأحلاف.
هذا بالنسبة لجهة النسب والقرابة، وقد بينّا تعريف النسب والقرابة وقلنا: ما سمي بذلك إلا لأن الإنسان ينسب، بمعنى: يضاف؛ لأن النسب أصله الإضافة، وسمي القريب بهذا الاسم؛ لأنه يضاف إلى قريبه.