للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حفر بئر في أرض موات]

قال المصنف رحمه الله: [أو حفر بئراً فوصل إلى الماء، أو أجراه إليه من عين ونحوها].

الآبار على نوعين: النوع الأول: ما يقوم على الجمة، وهي الآبار التي تكون في الأراضي الغنية بالماء، بحيث لو حفرت متراً أو مترين أو ثلاثة أمتار تمتلئ؛ لأن الأرض مليئة بالماء، فإذا حفر هذا القدر جاءت الجمة واجتمعت في البئر، فإذا نزحت الماء عادت مرة ثانية، فمثل هذا الماء إذا كان كافياً لإحياء الأرض، وكان نصف البئر المحفور يكفي ماؤه لإحياء الأرض فلا إشكال، فيحفر ويحيي الأرض، لكن إذا كان الماء قليلاً لا يكفي لإحياء الأرض، وكان من يعرف الزراعة يعرف أن هذا الماء لا يُمكِّن صاحبه أن يزرع الأرض؛ فلا يكفي هذا للحكم بإحياء الأرض.

النوع الثاني: الآبار الجوفية، فهذه ماؤها غير ماء الأولى، الأولى لو حصل جفاف -كما لو قل المطر أو قحط الناس- انقطعت مياهها لأنها سطحية، ولذلك مثل هذه الآبار السطحية خاصة في المناطق النائية التي يقل فيها الماء، لا يكون مثلها موجباً للحكم بالإحياء، وعلى القاضي أن يحتاط في مثل هذا؛ لأنه ربما خدع في وقت امتلاء البئر، فيظن أن الأرض يمكن إحياؤها بهذا القدر من الماء، والواقع أن مثل هذا لا يكفي، لكن المياه الجوفية التي يكون الماء موجوداً فيها غالباً، فإنها سبب لحياة الأرض، فمثل هذه الآبار لا شك أنها تثبت الملكية بها.

وللبئر حريم سيبينه المصنف، لكن نحن نتكلم هنا على أن حفره للبئر في الأرض التي سورها نوع من الإحياء، فإذا أرادها للزراعة أو للسكنى وحفر فيها بئراً؛ فهذا نوع من الإحياء، والبئر ينتفع بها حتى إذا كانت الأرض للسكنى، فيكون البئر للبيت كما في القديم أو للزراعة، ويكون إحياؤها بذلك الماء.

وقوله: (أو أجراه إليه من عين ونحوها) أي: أو أجرى الماء إلى الأرض المحياة من عين، أو من غيرها، كأن يحفر في مكان تتوافر فيه المياه، ويجري الماء عن طريق القناطر أو عن طريق المواسير -كما هو موجود في زماننا- إلى هذا الموضع الذي ليس فيه ماء، وقد كانوا في القديم يستقون من العيون، بواسطة القناطر والمجاري التي تأتي من العيون والخيوف وتسقي المزارع، وتجري القنطرة من بئر بعيدة أو من عين بعيدة، فإذا حفر بئراً بعيدة، وأوصل ماءها إلى نفس المكان المحيا، فإنه نوع من الإحياء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>