للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الذكر]

قال: [والذكر]: وفي الذكر الدية، أجمع العلماء أيضاً رحمهم الله على أنه لو قطع الذكر فعليه دية، مثلاً: لو أن طبيباً قرر: أن الشخص مصاب بالسرطان -والعياذ بالله- وقال له: لابد من استئصال هذا العضو، فلما استأصله تبين أنه ليس مصاباً به، فإنه يجب عليه ضمان الدية كاملة، ولو أنه جنى عليه جناية فقطع ذكره، فإنه يجب عليه الدية كاملة، ولو قطع بعضه كانت الدية بقسط ما قطع، لكن عند بعض العلماء مسألة: إذا منع انتشار الذكر، فإذا منع انتشار الذكر وجبت الدية كاملة، وهذا سيأتي في المنافع أنه أصل عندهم، فإذا ذهبت وجبت الدية.

ذكر المصنف رحمه الله هذه الثلاثة الأشياء: الأنف، واللسان، والذكر، على أنها موجودة واحدة في الإنسان، وعلى أن هذه الأعضاء إذا قطعت ففيها الدية كاملة، إذن الضابط: أن يكون العضو واحداً في الإنسان فتجب به الدية، يلتحق بهذا الصلب؛ فإن الصلب إذا جنى عليه فأضره وأذهب منفعته، وجبت الدية كاملة، وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام في كتاب عمرو بن حزم رضي الله عنه في الديات: (وفي الصلب الدية)، وأجمع العلماء رحمهم الله من حيث الجملة: أن الصلب فيه الدية.

أيضاً يلتحق بالأعضاء الواحدة في الإنسان: الجلد، قالوا: فلو سلخ جلده-والعياذ بالله- مثل: أن يرميه في بركة فيها أسيد، أو مادة حارقة، فانسلخ جلده كله، ثم جاء شخص وقتله، لأن الجنايات -والعياذ بالله- والجرائم تتنوع، فلو أن شخصين اعتديا على شخص، فجاء الأول ورماه في هذا الموضع حتى سلخ جلده، ثم أدركه الثاني قبل موته، لأنهم يقولون: إذا انسلخ الجلد لا يعيش الإنسان، وهذا نص عليه بعض الأئمة رحمهم الله وذكروه عن بعض الأطباء، لكن لو أنه بقي بعد سلخه، وجاء الآخر وقتله، فحينئذ السلخ فيه الدية كاملة، والقاتل أيضاً يجب عليه القصاص إذا كانت النفس مستقرة على الأصل الذي قررناه في مسألة ما تقدم معنا في الحياة التي يشرف الإنسان معها على الهلاك، هل هي حياة مستقرة؟ أو هي كالعدم؟ فالشاهد: أنه لو سلخ جلده وجبت عليه الدية كاملة، فلو أنه أخذه فرماه في بركة فيها أسيد، أو صب عليه الأسيد حتى سلخ جميع جسده، ثم جاء سبع وقتله، فإنه يجب على من سلخ الجلد الدية كاملة، والجلد واحد في البدن، فهو من الأعضاء التي لا تتعدد، كذلك أيضاً شعر اللحية، وشعر الرأس، هذه واحدة في البدن، فلو أنه سقاه الطبيب دواءً، أو قال له: أعالج لك تساقط الشعر، فسقاه دواءً فأسقط جميع شعره، فأصبح أصلع الرأس، ولا يمكن علاجه، وجب على الطبيب أن يضمن الدية كاملة، وكذلك اللحية، لو سقاه دواءً فأسقط لحيته، وتبين أن هذا الدواء مضر، أو أنه من الخطأ أن يأخذه المريض، أو لا حاجة لسقي المريض منه، فإنه حينئذ يضمن، لكن لو وجدت حاجة، مثلاً: في بعض أدوية السرطان -أعاذنا الله وإياكم- أو أدوية بعض الأمراض، إذا سقي الدواء تساقط شعر اللحية، فهذا ليس بمؤثر، خاصة إذا وجدت الحاجة والضرورة إلى ذلك.

قال رحمه الله: [ففيه دية النفس]: أي: فيه الدية كاملة؛ لما ذكرناه من أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على هذه الأشياء كما في كتاب عمرو بن حزم، وكذلك أجمع العلماء رحمهم الله على أن الدية كاملة إذا قطع لسانه، أو قطع أنفه، أو قطع ذكره، وكذا إذا اعتدى على صلبه، وإذا اعتدى على الجلد كما ذكرناه، فإنه يجب عليه أن يضمن هذا العضو الذي أتلفه بالدية كاملة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>