وقد اختلف العلماء رحمهم الله: هل تجوز عند الحاجة أو لا تجوز؟ وجهان للعلماء: فالجمهور على أنها لا تجوز حتى عند الحاجة، وقالوا: إنه لو خاف الزنا واستمنى فهو آثم، لكنه مرتكبٌ لأخف الضررين، وهو لا يخلو من الإثم، واستدلوا بعموم الآية الكريمة، ومن الأدلة القوية على مذهبهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، ولم يذكر الاستمناء، وقد كان بالإمكان أن يذكره، خاصة وأنه يطفئ الشهوة ويسكن الغريزة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكره، ومن هنا قال العلماء: إن الأصل تحريمه، ولا وجه لاستثنائه عند الحاجة.
واستثنى المصنف رحمه الله وجود الحاجة، ووجود الحاجة: أن يخاف على نفسه الزنا، أو يخاف الضرر فنصحه الأطباء أن يستمني، كما لو انتفخ شيء من أعضائه التناسلية جراء احتباس المني، وخشي الضرر على مسالك المني والأنثيين، فإن بعض الأطباء قد يضطر إلى نصيحة المريض أن يستمني، وقد حكوا عن الصحابة رضوان الله عليهم أنهم فعلوا ذلك، فيحتمل أن يكون اجتهاداً منهم، ولكن الأمر يحتاج إلى إثبات صحة ذلك عنهم رضي الله عنه وأرضاهم.
وأياً ما كان فإن الأصل يقتضي تحريم الاستمناء، وأنه لا يجوز، ولكن لو خاف على نفسه الزنا ثم استمنى، فهو مرتكب لأخف الضررين، ويبقى الحكم على الأصل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص، ومن صبر صبره الله.