الإمام أحمد رحمةُ الله عليه روي عنه أكثر من رواية في هذه المسألة؛ فتارة المنع: فلا يجيز للوكيل أن يتولى طرفي العقد، وفي مسألة الزكاة منع من أن يأخذ من سهم الزكاة إذا كان الذي أعطى الزكاة عمم، وهذه الرواية التي فيها المنع اختارها المصنف رحمه الله واختارها القاضي، واختارها جمهرة من أصحاب الإمام أحمد، أنه لا يجوز للوكيل أن يكون بائعاً أو مشترياً، وكذلك لا يكون مستأجراً كما ذكرنا التفصيل في المسألة.
لكن هناك رواية ثانية: أنه يجوز بشرط: أن لا يحابي نفسه، ويتولى الزيادة على السلعة غيره.
وهناك رواية ثالثة ذكرها الزركشي رحمه الله، والذي اختاره المصنف وصاحب المختصر الخرقي -أنه لا يجوز، والصحيح ما ذكرناه من أنه يجوز، وإذا مشينا على ما قاله المصنف: لا يجوز للوكيل أن يشتري لنفسه ولا أن يبيع لنفسه، فهل أولاده مثله؟ فمثلاً: لو قال رجل لرجل: أجّر هذه الشقة أو هذه العمارة بعشرة آلاف في السنة، فجاء أحد أبناء الوكيل وقال: أنا آخذها بعشرة آلاف فهل له ذلك أو لا؟ عند من يمنع يقول: كذلك الولد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في فاطمة:(إنما فاطمة بضعةٌ مني) فدل على أن الولد جزءٌ من والده، فإذا منعت الوالد من شيء تمنع أيضاً ولده منه، قالوا: فلا يبيع لنفسه ولا لولده، ولا يشتري لنفسه ولا لولده، وهكذا قضية المكاتب، وكل الذي ذكره هنا مبني على أن فرع الشيء كالشيء.