قال رحمه الله تعالى:[فصل: وإن أسلم الزوجان معاً أو زوج كتابية فعلى نكاحهما] عرفنا الأنكحة التي تبقى والأنكحة التي لا تبقى، والسؤال الآن: مسألة تجديد النكاح إذا أسلم الزوجان، وإذا أسلم أحدهما دون الآخر، فقال رحمه الله:(إذا أسلم الزوجان) إذا أسلما معاً فنبقي النكاح على ما هو عليه، وهذا بالإجماع وليس عندنا فيه إشكال، لكن إذا أسلم أحدهما دون الآخر فإما أن يكون زوجاً وإما أن يكون زوجة، فإن أسلم الزوج قبل الزوجة وكانت الزوجة وثنية فلا إشكال؛ لأن المسلم لا ينكح الوثنية ولا يستدام نكاحه لها إذا بقيت هي على الكفر.
لكن إذا كانت كتابية فيجوز نكاح المسلم للكتابية، ففرق المصنف في إسلام الزوج بين أن تكون زوجته كتابية أو تكون غير كتابية وهذا مرده إلى النص الشرعي، ومن هنا تلاحظ أن المتون الفقهية تتركب من الأحكام المنصوص عليها، فهي تأتي بصورة الأمثلة لكنها تحكي الأحكام الشرعية، فهو يقول:(إذا أسلم الزوجان) لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهما في حال كفرهما فمن باب أولى أن يقرا بعد إسلامهما ما عندنا إشكال، لكن لو أسلم أحدهما ففيه تفصيل: إن كان الزوج هو الذي أسلم فحينئذٍ ننظر في زوجته، فإن كانت من جنس ما تحل زوجة للمسلم -وحينئذٍ تكون كتابية؛ لأن غير الكتابية وهي الوثنية ما يحل نكاحها {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}[البقرة:٢٢١] أما الكتابية فيجوز- فإنه يبقى على نكاحه ولا يفسخ النكاح، فهنا لو سئُلت: متى يبقى نكاح الكافر على ما هو عليه؟ فتقول: إذا أسلما أو أسلم زوج كتابية، فإن أسلم زوج وثنية فإنه في هذه الحالة ينفسخ النكاح؛ لأنه لا نكاح بينهما على التفصيل الذي نذكره من الاستبقاء والإمهال للعدة.
قال:[فإن أسلمت هي أو أحد الزوجين] انتهى المصنف الآن من الرجل، وعرفنا أنهما إذا أسلما أقرا، وإن أسلم الرجل فصل فيه، فإن كانت زوجته وثنية فلا إشكال وإن كانت كتابية بقي الحكم وأقرا، فإن أسلمت هي فحينئذٍ يرد الإشكال؛ لأنه لا يحل للكافر أن ينكح المسلمة سواءً كان كتابياً أو غير كتابي:{فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}[الممتحنة:١٠] فالكافر ليس له على المسلمة سبيل، فإسلام المرأة غير إسلام الرجل.
قال:[فإن أسلمت هي أو أحد الزوجين غير الكتابيين قبل الدخول بطل] فإذا أسلمت المرأة فالنكاح منفسخ، لكن ينبغي أن ننتبه لقضية وهي: أن المرأة المدخول بها إذا فسخنا نكاحها فهناك مهلة وهي العدة، فاختلف حكم النساء إذا أسلمن بين أن يكون قبل الدخول أو يكون بعد الدخول؛ لأن الفسخ قبل الدخول لا عدة فيه، والفسخ بعد الدخول فيه عدة، وإذا كان الفسخ بعد الدخول فيه عدة فالعدة مهلة، يعني: نعطيه مهلة أن يسلم إلى أن تخرج من عدتها، فإن أسلم قبل خروجها من العدة عادت إليه، وإن أسلم بعد خروجها من العدة لم تعد إليه، هذا إذا كان بعد الدخول، أما لو كان قبل الدخول فإنه ينفسخ النكاح مباشرة لأن فسخه يتم بدون عدة.