[حكم عمل المرأة بدون إذن زوجها]
وقوله: [ولا تؤجر المرأة نفسها بغير إذن زوجها].
كل مسألة يرجع فيها إلى الأصل، ومن أراد أن يلم بأحكام الشريعة ويضبطها فعليه في كل مسألة أن يسأل عن أصلها، فإذا أخذ المسائل من الأصول وعرف ما إذا كانت المسألة أصلاً برأسها أو كانت جارية على أصل -أي أنها فرع لغيرها- أو مستثناة من الأصل؛ استطاع أن يعرف الأحكام وأن يعرف مواطن الأقيسة، ويعرف مقاصد الشريعة في الأقيسة، واستطاع كذلك أن يلم بكثير من المسائل والأحكام التي ذكرها العلماء رحمهم الله، كما أنه يستطيع -بإذن الله- أن يعرف كيف يقيس المسائل الجديدة والنازلة.
فمسألة إجارة المرأة أو عملها من حيث الأصل: المرأة خلقها الله عز وجل سكناً للرجل، والنصوص في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم واضحة الدلالة على أن من حكمة الله سبحانه وتعالى وعلمه أن جعل المرأة سكناً وتشريفاً وتكريماً للرجل، فجعل الرجل هو المخلوق الأول الذي خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، ثم خلق المرأة من ضلعه.
وهذا يدل على أنها تبع للرجل، وأنه لا يمكن أن تستقيم مصالح هذا الكون إلا إذا قامت المرأة برسالتها وواجبها، وذلك برعاية حق بعلها وزوجها، وهذه هي الفطرة، ولن تجد امرأة تسير على فطرة الله التي فطرها الله عليها إلا استقامت أمورها، ولكن إذا خرجت المرأة عن هذه الفطرة عذبت نفسها وعذبت غيرها.
ولذلك لن تجد المرأة أعدل ولا أحكم من دين الله عز وجل الذي أعطاها حقها وقدرها ولم ينقصها شيئاً، فإن الولد تابع لوالده، وقد يفضله الله عز وجل بصلاحه وتقواه، ويكون خيراً من والده الذي كان سبباً في وجوده.
فإذاً: قولنا: إن المرأة تبع للرجل؛ لا ينقص من قدر المرأة إذا هي اتقت ربها وعرفت حقها وحق بعلها، وقامت برسالتها على أتم الوجوه وأكملها، وهذا أمر واضح، ومن يتتبع نصوص الكتاب والسنة يجده جلياً واضحاً، فإذا كانت المرأة تنظر إلى الفطرة وجدت أن الله سبحانه وتعالى حمل الرجل أن ينفق ويقوم عليها، فحمله النفقة، وجعل المسئوليات والتبعات على الرجل، وهذا يدل على أن رسالتها في بيتها، وأنها إذا قامت بهذه الرسالة وحفظت هذه الأمانة ورعتها حق رعايتها، فإن الأمور ومصالح العباد تستقيم على أتم الوجوه وأكملها.
لكن إذا خرجت المرأة عن هذه السنن، وقالت: ليس هناك فرق بيني وبين الرجل، حصل الخلل.
الله تعالى يقول: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [آل عمران:٣٦] وهي تقول: إني مثل الذكر، وأنا والذكر سواء.
والله عز وجل يقول: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:١٨] وفرق بين الذكر والأنثى، وهي تقول: الذكر والأنثى سواء.
ودين الله وشرع الله في أحكامه وتشريعاته واضح الدلالة، فإنه جعل أمور الزوجية ومقاليدها بيد الرجل، من مهر وعقد وطلاق وغيره، وكل ذلك لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى.
وقد كانت الأمة الإسلامية في أوج عظمتها وعزها وكرامتها، وقد قادت جحافلها حتى فتحت مشارق الأرض ومغاربها، وقادت تلك القلوب التي صقلتها روحانية الكتاب والسنة، فقادت العالم من مشرق الأرض إلى مغربها، وما تعطلت يوماً من الأيام عن الوفاء بمصالحها.