الشرط الثاني: انعقاد يمين من حلف مختاراً لا مكرهاً
[الثاني: أن يحلف مختاراً، فإن حلف مكرهاً لم ينعقد يمينه] أن يحلف مختاراً غير مكره، وقد تقدمت معنا شروط الإكراه، فلو هدده شخص وقال له: تحلف بالله على شيء.
فإنه لا تنعقد يمينه، ولا تجب عليه الكفارة إذا حنث فيها؛ لأنه مكره على قوله.
والإكراه نوعان: - إكراه بحق.
- وإكراه بدون حق.
فإذا كان الإكراه بدون حق فحينئذٍ لا يعتبر يميناً، لكن إذا كان الإكراه بحق، فإنه يكون يميناً معتبراً شرعاً ويجب عليه أن يصدق، كأن يأبى أن يحلف وطلب منه أبوه أن يحلف وأكرهه على الحلف في القضاء، وقال له: إن هذا شيء فيه إحقاق حق وإبطال باطل، فهذه يمين شرعية مع أنه مكره ولا يريدها.
وكان أئمة السلف لا يحلفون حتى يمين القضاء، فهذا ابن عمر رضي الله عنهما لما اختصم مع الرجل في عبد من عبيده قال: بعته لي بكذا بعيب.
قال: ما علمته.
قال: بلى قد كنت تعلمه.
قال له القاضي: احلف قال: ما علمته.
قال له: احلف.
قال: لا أحلف.
قال: إذاً ترد على الرجل ماله، قال: أرد له ماله.
فرد له المال تورعاً، فباع العبد بأضعاف القيمة التي كان قد باعه بها، وذلك أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ومن يتق الله لا يرى إلا خيراً.