فقال رحمه الله:(وتقضي الصوم لا الصلاة) أي: هذه المرأة التي أصابها الحيض يحكم بمنعها من الصيام ومن الصلاة، فإذا انتهى الحيض وجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة.
أما الدليل على هذا الحكم: فحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، والذي روته عمرة بنت عبد الرحمن أنها سألت أم المؤمنين:(ما بال الحائض -ما بال، أي: ما الشأن والحال- تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟) عمرة رحمها الله فقيهة من فقهاء التابعين رحمة الله عليهم أجمعين، فهذه الفقيهة الفاضلة سألت أم المؤمنين لماذا أمر الشرع المرأة الحائض أن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ لماذا سألت؟
الجواب
لأن الصلاة في حكم الشرع أهم من الصوم، فالصلاة عماد الدين، وهي الركن الذي يلي الشهادتين.
(فقالت لها أم المؤمنين: أحرورية أنتِ؟) أي: هل أنت من الخوارج الذين يكثرون التشدق في الدين والتنطع فيه؟ وحرورية: نسبة إلى حروراء؛ وهو موضع كان فيه الخوارج.
(فقالت: لا، بل سائلة) أي: أستشكل فأسأل.
فقالت رضي الله عنها:(كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة)، فدل على أن الحائض لا تصوم ولا تصلي، وأنه يلزمها قضاء الصوم ولا يلزمها قضاء الصلاة.
قال المصنف رحمه الله:[ولا يصحّان منها، بل يحرمان].
فلو أن امرأة علمت أنها حائض وصامت، فلا يصح صيامها، فإذا علمت بالتحريم وصامت فهي آثمة شرعاً، لكن لو كانت لا تدري أن هذا الدم دم حيض وكانت تظنه دم استحاضة، وصامت أو صلت ظانة أنها طاهر، ثم تبين أن هذا الدم دم حيض؛ فإنه لا إثم عليها ولا يحكم بصحة صومها ولا بصحة صلاتها، وهي غير مطالبة بالصلاة.