كما قال صلى الله عليه وسلم:(اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت) فلا تطوف بالبيت، ولا تسعى بين الصفا والمروة على اشتراط أن يكون السعي بعد الطواف على ظاهر السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أوقع سعياً إلا بعد طواف في حجه وعمرته، فتحتاط لهذا وتؤخر السعي، فتؤخر طوافها وسعيها، ثم يفصل فيها: إذا كانت مفردة؛ فالأمر يسير لأنها تمضي إلى عرفات وتبيت في مزدلفة، ثم ترمي جمرة العقبة، ثم تتحلل، ولا تنزل تطوف طواف الإفاضة لأنها لم تطهر، وتنتظر إلى طهرها ثم تطوف بالبيت وتسعى، وحينئذٍ تم حجها.
وإذا كانت قارنة فالقارنة مثل المفردة تذهب مباشرة إلى عرفات وتؤدي مناسك الحج، والعمرة تدخل تحت الحج في القران، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لـ عائشة (اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت) وكانت قارنة، والدليل على أن عائشة حجت قارنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:(طوافك بالبيت وسعيك بين الصفا والمروة كافيك لحجك وعمرتك) وبالإجماع أنها ما تحللت بعد عمرتها، وأنها ما فعلت عمرة قبل حجة الوداع، فدل على أنها انقلبت قارنة.
وإذا كانت متمتعة، فلا بد أن توقع عمرتها قبل الحج، فحينئذٍ ننظر: إن كان طهرها قبل الوقوف بعرفة، فإنها تبقى على إحرام العمرة ولا ترفضها، ثم إذا طهرت نزلت وطافت بالبيت وسعت وتحللت، ثم مضت إلى عرفات وأتمت النسك وهي متمتعة وعليها دم التمتع.
وأما إن كان الوقت الذي قبل الوقوف بعرفة لا يسع لطهرها، ولم تطهر قبل الوقوف بعرفة فتنقلب من التمتع إلى القران، وتصبح قارنة، فتذهب إلى عرفات، ثم تؤدي مناسك الحج، حتى إذا طهرت نزلت وطافت طواف الإفاضة وسعت سعي حجها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت) وقد كانت أهلت عائشة بعمرة، ففي الصحيحين أنها لما جاءت سرف -وهي ما يسمى اليوم النوارية- حاضت، فدخل عليها صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال:(ذاك شيء كتبه الله على بنات آدم، اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت) لأن قدومه عليه الصلاة والسلام كان في رابع ذي الحجة، وحينئذٍ لا تتمكن من طوافها قبل الوقوف بعرفة، وما طهرت إلا بعد يوم النحر، ولذا قال العلماء: إنها انقلبت إلى القران، فدل على أن المرأة إذا أهلت بعمرة ولم تطهر قبل وقوفها بعرفة فإنها تنقلب إلى القران ويلزمها دم القران، والله تعالى أعلم.