للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم قتل الصائل إذا هجم على منزل]

وقوله: [ومن دخل منزل رجل متلصصاً فحكمه كذلك].

أي: من دخل منزل رجل متلصصاً للسرقة، أو دخل دار رجل لهتك العرض والفساد، أو دخل دار رجل للقتل، فكله في حكم الصائل.

ولو دخل من أجل المال فهو في حكم الصائل متلصصاً، واللص إذا دخل فغالباً ما يكون معه السلاح، لكن لا يجوز للشخص إذا دخل أحد يريد أن يسرق من ماله أن يقدم على قتله إلا بالتفصيل الذي ذكرناه.

ومحل قتله إذا كان معه سلاح ويطلب المال، وكان يقصد أن كل من يقف في وجهه ليمنعه من أن يصل إلى المال فإنه سيقتله؛ فهذا يقتل، وأما إذا أمكن دفعه بالأخف دون قتله فقد تقدم تفصيل ذلك.

وقوله: (متلصصاً) هذا ذكره في الآدمي، وقد تدخل البهيمة متلصصة، والبهيمة غير مكلفة، فلو دخلت البهيمة إلى دار الإنسان، كأن جاء بعير إلى التجار وهم يعرضون أطعمتهم، فهجم عليها ليأكلها وهذا يحصل كثيراً، وقد كانت هذه المسألة من المشاكل التي تشغل المحتسبين في الأسواق، حيث يأتي الناس بدوابهم، وبعضهم يعرض الطعام، فما يشعر إلا والبهيمة تهجم على الطعام، وبعض الأحيان تدخل إلى الدكان أو المتجر.

إذاً يحصل من الآدمي ومن غير الآدمي، لكن المكلف تستطيع أن تتكلم معه، وأما البهيمة فلا، ولذلك يشرع دفعها.

وقد كان أهل العلم يذكرون بعض الطرائف في دروسهم: وقد كان معنا طالب في دراسة الابتدائي، وكان من أذكى خلق الله، وكان من بيت علم وفضل، وفيه أدب، ولا أذكر أني رأيت شيئاً يعيبه في دينه أو دنياه، وكنا في السنة الثالثة الابتدائية، وكان صغيراً غير مكلف، لكن كان فيه شيء من الذكاء، فكان يأتي بعد تحضير المدرس، فإذا انتهى التحضير يأتي إلى حارس المدرسة، ويقول له: المدير يريدك، فيذهب الحارس، وقد وضع الطالب حقيبته وراء الباب، فيأخذ الشمطة ويخرج من الباب، وكان يأتي إلى الحارس في فترات حتى لا ينتبه له، وكان الحارس كبير السن، وفيه نوع من البساطة، وفي يوم من الأيام خرج بشمطته، وفعل فعلته، وشاء الله عند خروجه أن يكون أمامه ثور هائج، ومعه شمطة حمراء، والثور قد حبس الناس في الطريق، وفوجئ أن هذا خارج من المدرسة بشمطة حمراء يجري، فما كان منه إلا أن جرى وراءه، يقول: لقد جريت جرياً ما جريته في حياتي، أي: قرابة كيلو، حتى نجاه الله عز وجل، وبعد ذلك حرم أن يخرج من المدرسة.

وهذا شيء طيب! أنه كلما يخرج الشخص من محاضرة أو درس يجد ثوراً هائجاً فهو يعين على طلب العلم.

وتسقط حرمة البهيمة إذا صالت بالاعتداء على النفس أو المال، وهذا شرطه إذا لم يمكن دفعها بالأخف، فلو أمكن دفعها بالصياح عليها أو بالإشارة بالعصا ونحوها دون ضربها، فلا يجوز استباحة الأعلى؛ على التفصيل الذي ذكرناه في المكلفين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>