بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد: قال المصنف رحمه الله: [ويضمن الأجير المشترك ما تلف بفعله] تقدم معنا أن من المسائل المتعلقة بالإجارة مسائل الضمان، ومسائل الضمان مما تعم بها البلوى لما يترتب عليها من الحقوق، سواءٌ كانت حقوقاً راجعة إلى المستأجر أم إلى الأجير، وبينّا ما يتعلق بتضمين الأجير الخاص.
وهناك نوع ثانٍ من الضمان يتعلق بالأجير الذي يشترك فيه الناس، وهذا الأجير الذي يشترك فيه الناس تقوم إجارته على الأعمال.
ولذلك يشترك فيه أكثر من شخص كما في الغسّال، وكذلك الحدّاد والنّجار، ونحوهم من أصحاب الحِرف الذين يقومون بالأعمال للناس، فهم ليسوا أُجراء لشخص معين كالأجير الخاص، فالخادم في المنزل والراعي وحارس المزرعة هذا أجير خاص، وقد بينّا أحكامه وما يتعلق بتضمينه.
لكن بالنسبة لمن يكون مشتركاً بين الناس؛ فيضع الناس عنده ثيابهم من أجل أن يغسلها كالغسّال، أو يضع الناس عنده أقمشتهم من أجل أن يخيطها كالخياط، فمثل هذا الأجير يضمن ما تلف عنده، فيضمن الأجير المشترك من حيث الأصل ما كان للناس، ولكن على تفصيل عند أهل العلم رحمهم الله تعالى بين ما فيه تعدٍّ أو تفريط، وبين ما لا تفريط فيه ولا تعدٍّ.