قول المصنف رحمه الله:[فعدتها إن كانت حرة أو مبعضة ثلاثة قروء كاملة].
إن كانت حرة فعدتها ثلاث حيضات كاملة؛ لأن الله يقول:{ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة:٢٢٨]، إن كانت مبعضة، يعني: بعضها حر وبعضها رقيق، فمثلاً: أمة اشتراها رجلان أحدهما أعتق نصيبه، والثاني بقيت في ملكيته، فحينئذٍ نصفها حر ونصفها رقيق، فالمبعضة هذه إذا وقع عليها الطلاق تكون عدتها ثلاث حيضات؛ لأن الأصل عند الحنابلة أن الأمة تشطر العدة في حقها كما ورد عن عمر رضي الله عنه، فإذا شطرت العدة -يعني: تكون على النصف- فإنه ليس هناك نصف حيضة، فعندهم إما أن تكون الحيضة ثلاثة قروء كاملة أو قرئين، لأنه ليس هناك قرء ونصف؛ لأن الحيض لا يتشطر، فحينئذٍ جبروا الكسر وقالوا: عدتها حيضتان، وإذا كان الأمة عدتها حيضتان فحينئذٍ إذا وجد في الأمة حرية -مثلما ذكرنا- وكان نصفها حراً فعندها كسر من الحرية، فتزيد على القرئين بزيادة فتصبح حيضتان وشيء، فإذا كانت الحيضة لا تشطر فتدخل في الحيضة الثالثة.
والأصل في الأمة أو المملوك أنك تعطيه نصف ما تعطي الحر، وهذا طبعاً على القياس، وهي مسألة مشهورة عند علماء الأصول:(تعارض العموم مع القياس) فالعموم في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة:٢٢٨] هذا عام، والحقيقة أن القول بعدم التشطير من القوة بمكان على ظاهر الكتاب وظاهر السنة، وهو الأصل.
لكن على كل حال في مسألتنا: إذا كانت العدة ثلاثة قروء وأردنا تشطير الثلاثة قروء فإنها لا تشطر، وإذا كان لا يمكن تنصيفها ففي في هذه الحالة ستحسب النصف الموجود كاملاً وتقول: الأمة عدتها قرءان، فإذا قلت: إن لها قرئين في عدتها فإن دخلتها حرية زادت عن القرئين؛ لأنها أمة من وجه وحرة من وجه ثانٍ، فدخلت بالوجه الثاني -وهو وجه الحرية- في جزء الحيضة الثالثة؛ لأنه إذا كان -مثلاً- ربعها أو نصفها حراً فالمنبغي أن يحسب حساب هذه الحرية، ولكن هنا لا يمكن تشطير الحيضة الثالثة، فأصبحت عدة المبعضة ثلاثة قروء، والحرة ثلاثة قروء.