قال رحمه الله تعالى:[ويجافي عضديه عن جنبيه] المجافاة: أصلها البعد، وجفاه: إذا قلاه وابتعد عنه، أو امتنع من كلامه والقرب منه، والمجافاة بين العضد والجنب هي أن لا يقرِّب عضده من جنبه؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث وائل، وكذلك في الأحاديث الصحيحة عنه أنه جافى، وثبت في حديث البراء قال:(إن كنا لنأوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من شدة ما يجافي)، فكان إذا سجد جافى حتى يرى بياض إبطيه صلوات الله وسلامه عليه.
وهذه المجافاة تعين على تمكن أعضاء الإنسان من السجود، بخلاف ما إذا طبّق بينها أو افترش افتراش السبع، فإن هذه الحالة لا تكون أبلغ في سجوده وتمكن أعضائه من الموضع.
فالمجافاة سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي للإنسان أن يؤذي جاره إذا كان في الصف، فهي سنةٌ لمن تيسر له ذلك، فإذا كان بجواره من يزعجه ويضايقه حين يجافي فإنه في هذه الحالة يجافي بقدر معين؛ لأنه كما أنك تريد تحصيل السنة، كذلك هو يريد تحصيل السنة، فلو ذهب كل منكما يجافي فإنه يضر بالآخر، ولذلك يجافي الإنسان عند الإمكان، واستثنى أهل العلم مَن كان في الصف، ولذلك قالوا: تأتَّى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يتأت لغيره، وذلك لكونه إماماً؛ فإن الإمام يتمكن من السجود أكثر، ويتمكن من المجافاة أكثر.