ندب عليه الصلاة والسلام إلى عيادة المريض، وأخبر عما فيها من عظيم الأجر وجزيل الثواب عند الله سبحانه وتعالى، ففي الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:(من عاد مريضاً فهو في خرفة الجنة حتى يعود، قيل: وما خرفة الجنة؟ قال: جناها)، وللعلماء في هذا الحديث وجهان: الوجه الأول: أن قوله: (من عاد مريضاً فهو في خرفة الجنة) أي: شبه حال الإنسان وهو خارجٌ لعيادة أخيه المسلم بحال الرجل الذي جلس أمام ثمار البستان يجني منها ما لذّ وطاب، فالذي يعود المريض يجني ثمرة عيادته من عظيم الأجر والمثوبة عند الله سبحانه وتعالى، فكما أن صاحب البستان جالسٌ أمام خير من الدنيا، فمن عاد المريض جالسٌ أمام خيرٍ من الآخرة، وهذا يدل على عظيم الفضل، كأنه يجني الثواب بدون حساب؛ من كثرة ما في ذلك من الأجر والمثوبة عند الله سبحانه وتعالى.
والوجه الثاني: أن قوله: (من عاد مريضاً فهو في خرفة الجنة حتى يعود) أي: أن الطريق الذي سلكه في عيادة أخيه المسلم حال مرضه أشبه بالطريق إلى الجنة، بمعنى: أنه سينتهي به إلى الجنة.
وهذا كله يؤكد فضل عيادة المريض، ويدل على استحبابها وتأكد هذا الاستحباب.
ويعظم حق المريض بحسب قربه؛ فإن كان من الوالدين أو من القرابات والأرحام فالأمر في حقه آكد وأشد، ولذلك كان من وصل مريضاً وله قرابةٌ به فإنه يؤجر من وجهين: الوجه الأول: من جهة عيادته للمريض، وله أجر عيادة المريض المطلق.
والوجه الثاني: أنه يؤجر من جهة كونه وصل الرحم وبلها ببلالها، واتقى الله عز وجل فيها.
فأفضل ما تكون عيادة المرضى، إذا كانت للأقرباء ومن لهم رحمٌ بالإنسان وصلة، فإن حقهم آكد وأعظم، والتقصير في حقهم لاشك أنه أكثرُ إثماً وأعظم جرماً.