قال رحمه الله:[وإذا قال: آجرتك، قال: بل أعرتني أو بالعكس عقب العقد، قُبل قول مدعي الإعارة، وبعد مضي مدة قول المالك بأجرة المثل].
هناك صور في المسألة: الأولى: إن قال: آجرتك، قال: بل أعرتني.
الثانية: إن قال: أعرتك، قال: بل آجرتني.
الثالثة: إن قال: أعرتني، قال: بل غصبتني.
الرابعة: إن قال: آجرتني، قال: بل غصبتني.
هذه كلها مسائل يصطلح العلماء على تسميتها بمسائل الاختلاف، ومسائل الاختلاف: هي جملة من المسائل التي يختلف فيها العاقدان في كيفية العقد، ولا تختص بباب معين بل تشمل أكثر أبواب المعاملات إن لم يكن جلها، ففي كل باب من أبواب المعاملات شيء يسميه العلماء: مسائل الاختلاف، والحقيقة أن مسائل الاختلاف لو تأمل فيها طالب العلم لوجدها في الأصل راجعة إلى باب القضاء؛ لأن المراد بهذه المسائل معرفة من المدعي ومن المدعى عليه، وبعض العلماء يقول: هو مدعي والآخر مدعىً عليه، وهو مدعىً عليه والآخر مدعي.
هذا كله بمعنى قولهم: فالقول قوله، فإذا قالوا: القول قوله، فمعناه: أنه مدعى عليه، وهذه المسائل كلها راجعة إلى باب القضاء.
أما من حيث المنهجية الفقهية؛ فكان الأصل يقتضي أن هذه المسائل تؤخر إلى باب القضاء؛ لأن مسائل القضاء تختص بباب القضاء، ولكن السبب الذي جعل أهل العلم رحمهم الله يفردون مسائل الاختلاف في كل باب بحسبه: أن هذه المسائل حينما تدرس في كل باب بحسبه تعرف أصول الأبواب الراجعة إلى القضاء، ففي بعض الأحيان تكون قاعدة القضاء عامة، لكنها في باب الشفعة تنخرم، وتكون قاعدة القضاء عامة ثابتة ولكنها في باب العارية تنخرم، فلما تدرس مسائل الاختلاف في كل باب بحسبه يكون ذلك أضبط وأتم لمعرفة الأبواب المستثناة، ومعرفة أصول كل باب وتطبيقها حتى في مسائل الاختلاف، فكما عرفت العارية اتفاقاً تعرفها اختلافاً.