[سنن الوضوء]
قال رحمه الله تعالى: [ومن سنن الوضوء السواك].
يقول رحمه الله: (ومن سنن الوضوء) السنة: أصلها الطريقة، وسن الشيء: إذا شرعه، والمراد بها: من سنن النبي صلى الله عليه وسلم في عبادة الوضوء, والمراد بالسنة: ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
ويشمل ذلك السنن القولية والفعلية والتقريرية, أي: التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم أو فعلها أو فعلت وأقرها, فكل ذلك يوصف بكونه سنة ولا يطلب من المكلف طلب إلزام.
(من سنن الوضوء) يعني: من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي ينبغي للمكلف ويستحب للمكلف أن يحرص عليه ويحافظ عليه.
وهنا أنبه على أمور: أولاً: أن بعض طلاب العلم يفهم من السنن أنها أمور سهلة ويسيرة؛ فيتساهل في تركها, وكم سمعنا من بعض المنتسبين للعلم من يقول: هذا سنة لا حرج فيه! فإذا جاءه السائل قال له: هذه سنة وخفف من أمرها، ولا حرج أن يبين له عند الحكم إذا ظن السائل وجوبها أن تقول له: سنة لا حرج, لكن الحرج أن يستخف بالسنن ويعتبر قول العلماء: إنه سنة طريقاً للترك, فأخذ بعض طلاب العلم أنه إذا قيل: سنة، يعني: أنه يترك ولا حرج في تركه, لكن أهل الفضل والكمال وأقرب الناس للخير وأحبهم إلى الله وأقربهم نجاة وسلامة وعلو شأن في دينه من كان محافظاً على هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو بكر صديق هذه الأمة رضي الله عنه وأرضاه: (والله لا يبلغني شيء من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه إلا فعلته, إني أخاف إن تركت شيئاً من هديه أن أضل) ولذلك ينبغي للإنسان الموفق دائماً في أي عبادة أن يسأل عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم ويحرص على تطبيقه، وأخشع الناس في العبادة، وأكثرهم توفيقاً لها وأكثرهم شعوراً بلذتها وحصولاً لثوابها وثمرتها وحسن عاقبتها هو أكثرهم متابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك طريقه طريق إلى الجنة, وسبيله سبيل الرحمة: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:١٥٨] فمن اتبع النبي صلى الله عليه وسلم وحرص على اقتفاء أثره والسير على نهجه فهو أقرب الناس إلى الخير.
وكان العلماء رحمهم الله يقولون: إن أقرب الناس لقبول العبادة من كان موفقاً في إصابة السنة فيها، فأي عبادة تسمعها أو تعلمها وتريد أن تطبقها فاسأل كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها، وقد كان السلف الصالح رحمة الله عليهم -مع جلالة علمهم وعلو قدرهم- كانوا يجلسون مع الصحابة ويسألون عن كيفية فعل النبي صلى الله عليه وسلم لكثير من الأعمال، وربما سألوا عن أوضح الأشياء، قال أحدهم: شهدت عمر بن الحسن سأل عبد الله بن زيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ للصلاة؟ سبحان الله! الوضوء الذي كان يعرفه صغار التابعين قبل كبارهم، فيدخل هذا العالم الجليل على هذا الصحابي ويقول له: كيف كان يتوضأ عليه الصلاة والسلام؟ فكانوا يحبون السنة ويحبون التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فينبغي أن يعلم أن قوله: (ومن سنن) أنه ليس المراد به أن نتساهل ونترك, وإنما المراد الدلالة حتى نعلم ونعمل بها وندعو إليها, علماً وعملاً، ونسأل الله العظيم أن يجعلنا من هداتها ودعاتها.