الاعتداء على الأموال: الله سبحانه وتعالى بيّن حد السرقة وحد الحرابة، وهذه العقوبة بقطع اليد التي هي من أبلغ ما تكون ألماً، ومن أبلغ ما تكون زجراً للفاعل وزجراً لمن يرى هذه العقوبة.
قل أن تجد أحداً يرى سارقاً تقطع يده فيفكر في السرقة، يقول أحد العلماء: جاءني رجل كان مبتلى بالنصب والسرقة والعياذ بالله، بل الأسرة عنده مبتلاة بهذا ونشأ في هذا الانحراف، يقول: ولا يستطيع أن يتركه، قال له: اطلب العلم لعل الله سبحانه وتعالى أن يكسر قلبك بزواجر التنزيل وتتعلم، وكان من بيئة ضعيفة.
فابتدأ طلب العلم، وصار يسرق طلاب العلم، فصارت المصيبة أكبر، ذكره بالله وخوفه بالله عز وجل، وإذا به يقول: لا أستطيع؛ لأنه مبتلى بهذا البلاء، فشاء الله يوماً من الأيام أن قال له موعظة، قال له: أنا أوصيك بوصية، وهي: أن تحرص أن ترى سارقا تقطع يده، ترى بعينك فقط وتعتبر، وشاء الله عز وجل بعد فترة وإذا به يقام حد سرقة، فجاء ووقف على السارق تقطع يده ورأى الدم ورأى اليد تفصل، ورأى حال من قطعت يده فأغمي عليه، ومن بعدها لم يمد يده إلى مال حرام، فقضاء الله عز وجل فيه زجر، والله أعلم بالنفوس، الله أعلم بما يزجر عباده وبما يصلحهم.
هذه مجمل التشريعات الواردة وأسلوب النهي فيها.
الأسباب التي تعين على وجود الوازع الديني، جعلها الله عز وجل في التشريعات التي تقوي الإيمان، وتسلم بها عقيدة المسلم ويصلح بها عمله.
وهناك جوانب أخر، جعل الله عز وجل فيها السلامة من الجرائم، ونبه عباده على أنها علاج للجريمة، وسبب في ترك الجريمة والسلامة منها، والتي منها الإيمان بالله، وإقام الصلاة، والصوم، والذكر؛ فهذه أسباب كلها تقوي جذوة الإيمان، وينتج عنها البعد أو مقارفة الجرائم والوقوع فيها.
سنتحدث إن شاء الله في الأسبوع القادم عن جوانب من التشريعات الإلهية التي أعانت الناس على اتقاء الجرائم وعدم الوقوع في هذه المحرمات التي دلت نصوص الكتاب والسنة على تعظيم أمرها وعلى وجوب تركها والبعد عنها، نسأل الله العظيم أن ييسر ذلك وأن يرزقنا القول السديد، إنه ولي ذلك وهو الحميد المجيد، والله تعالى أعلم.