للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[اشتمال الصماء في الصلاة]

قال رحمه الله تعالى: [واشتمال الصماء] يقال: حجرةٌ صماء.

إذا لم يكن فيها منفذ، واشتمال الصماء فيه أقوال للعلماء: أقواها وأولاها أن يأخذ الثوب ويتلحَّف به على وجهٍ لا يوجد فيه لليدين أو لأحدهما منفذ.

فبعض الناس في شدة البرد يأتي بالغطاء الذي هو الرداء على أعلى البدن، ويتوشح به على طريقة لا يستطيع أن يخرج يده لو دهمه عدو أو سبع، أو أرادته دابة أو هامة، فلا يستطيع أن يعاجل لدفع هذا الضرر، فنُهِي عن هذا الاشتمال، وهذا وجه.

وقيل: أن يأخذ الثوب ويتلحَّف به ويرده على عاتقيه فينكشف فرجه، قالوا: وهذا وجه من الأوجه التي نهي عنها.

وورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه تفسيره بالوجه الذي ذكرناه، وبناءً على ذلك، فإن قلنا: السدل هو أن يضم الثوب، ويكون الثوب أصم لا منفذ فيه تكون العلة خوف الضرر على الإنسان؛ لأنه ربما في بعض الأحيان خاصة إذا كان يمشي يفاجأ بحية أو سبع أو عدو، فإذا كان مشتملاً للصماء فلا يستطيع أن ينزع سلاحه، أو يكبح عدوه، ولا أن يدفع الضرر عنه، قالوا: فنُهِي عنها من أجل مضرة البدن.

والوجه الثاني: لخوف انكشاف العورة، فإذا التحف بالثوب الواحد فلو تحرك منه انكشفت عورته على الصورة التي ذكرناها، وكل هذه الصور منهي عنها، لكن الخلاف في المراد باشتمال الصماء، وهذا مثله نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الملامسة، فالإجماع منعقد على أن بيع الملامسة لا يجوز، سواءٌ أقلنا: الملامسة أن يقول له: أبيعك ثوبي على أن يقوم لمسك مقام نظرك، أم قلنا: أن يقول له: إذا لمست الثوب فهو عليك بعشرة، أو إذا لمست الثوب انقطع الخيار عنك، فكل هذه الصور في الأصل محرمة، لكن الخلاف أيها المراد بالحديث، فينبغي أن يُتَنَبه أن خلاف العلماء في اشتمال الصماء هنا إنما هو الخلاف في المراد بالحديث، لكن لو أن إنساناً التحف بالثوب بطريقة تنكشف بها العورة نقول: هذا حرام، سواءٌ أكان هو اشتمال الصماء أم لم يكن؛ لأن الشرع لا يجيز انكشاف العورة، ولا يجيز لبس الثياب على وجهٍ تنكشف به السوءة.

كذلك لو قلنا: إن اشتمال الصماء لا يشمل التلحف بالثوب، فإن التلحف بالثوب على وجهٍ لا يتمكن الإنسان معه من دفع العدو أو الدابة أو الهامة منهيٌ عنه؛ لمكان الضرر بالبدن.

<<  <  ج:
ص:  >  >>