فمثلاً شخص له على المديون مليون، فسدد الدين، والحكم شرعاً أنه إذا سُدِّد الدين، فيجب على من له الدين أن يرد الرهن، مثال ذلك: شخص اشترى من شخصٍ عمارة بخمسمائة ألف، وأعطاه أرضاً رهناً على أن يسدد في نهاية العام، فلما جاء الأجل أعطاه الخمسمائة ألف كاملة تامة، فيجب على المرتَهَن أن يرد الرهن، فإذا قال الراهن: أعطني رهني، فقال المرتهن: قد أعطيتك، فقال: ما أعطيتني، فاختلفا هل رد الرهن أو لم يرده؟ فنقول: أولاً: اليقين أن الرهن موجود عند المرتَهِن؛ لأنه أخذه لقاء دينه، واستوثق به لقاء دينه، فنحن على يقين أن ذمته مشغولة بهذا الرهن حتى نتحقق من رده لصاحبه.
فإذا قال القاضي للمرتهن: هل أعطاك فلان رهناً؟ فقال: نعم، قال له: هل رددت له رهنه؟ فقال: نعم، رددت له الرهن، وحينئذٍ سأل القاضي خصمه: هل ردّ لك الرهن؟ فقال: لا إذاً نحن على يقين أن ذمة فلان -الذي هو صاحب الدين- مشغولة؛ لأنه اعترف أنه أخذ رهناً، لكن لو أن الراهن قال: أعطيته رهناً في دين، فقال المرتهن: ما أعطاني رهناً، فنقبل قول المرتَهَن؛ لأن الأصل أنه لم يأخذ رهناً حتى يقوم الدليل على أنه أخذ رهناً.
إذاً: في إثبات الرهن القول قول صاحب الدين وهو المرتَهَن، وبعد أن يثبُت الرهن، ففي رد الرهن القول قول الراهن؛ لأننا تحققنا من شغل ذمة المرتَهِن، حتى يدل الدليل على أنها برئت ذمته، وأنه سدد أو رد الرهن إلى صاحبه.
فكما أنه رد له حقه كاملاً، فيجب عليه كذلك أن يرد الرهن كاملاً على ما اتفقا عليه.