قال المصنف رحمه الله:[ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء ولا بقاء المال].
شرع المصنف رحمه الله في بيان الأمور التي لا تعد مسقطة لوجوب الزكاة، ومن ذلك عدم القدرة على الأداء، بعد استقرار وجوب الزكاة في ذمة الإنسان، ومثال ذلك: أن يحول الحول على المال، ويكون حوله مثلاً في أول محرم، ثم يُجنّ أو يغمى عليه، ولا يستطيع أن يقوم بأداء هذه الفريضة، فإن طريان الجنون والإغماء عليه يمنعه من القدرة على الأداء، فهذا الطريان لا يؤثر في استقرار الزكاة ووجوبها، كما نص رحمة الله عليه على ذلك، والأصل في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول)، كما في حديث السنن الصحيح، فهذا الحديث بيّن أن الزكاة واجبة في المال، وبناءً على ذلك كونه يغمى عليه ولا يقدر أن يتمكن من الأداء، لا يؤثر في استقرار الوجوب وثبوته، ولزوم مطالبته بهذا الحق، كما لو أنه أُغمي عليه، فإن الصلاة واجبة، فكما طولب بالصلاة يطالب بالزكاة وغيرها من الفرائض على الأصل، إلا ما قام الدليل على استثنائه بالإسقاط، وبناءً على ذلك نص رحمه الله على أنه لا يُسقط مثل هذا وجوب الزكاة عليه، فإن كان مجنوناً وأُقيم وليه مقامه، فإن هذا الولي يخرج الزكاة عنه نيابة؛ لأنه تعذر الأصيل، فأقيم عنه الوكيل، فيخرج عنه الزكاة كما هو الحال في مال اليتيم.
قوله:(ولا بقاء المال).
وصورة ذلك: لو أن إنساناً وجبت عليه الزكاة، ثم إن هذا المال استبدله بمال آخر بعد وجوب الزكاة عليه، أو حوّله إلى جنسٍ آخر، فلا تزال الزكاة واجبة عليه، ويعتبر مطالباً بهذه الزكاة؛ لأنه قد تعلّقت ذمته بهذه المطالبة، ولا دليل على إسقاطها، فلو أنه بادل هذا المال أو صرف عينه أو وهبه أو تصدق به بعد مضي الحول، فإنه يطالب بإخراج الزكاة.