الإشارة في الصلاة للعلماء فيها ثلاثة أوجه: منهم من قال: يشير ولا يحرك، وهذا بناءً على ما ثبت في حديث ابن عمر وحديث وائل رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بها، وكلها أثبتت الإشارة دون تحريك.
وأما التحريك فقالوا: أخذوه من حديث ابن الزبير (يدعو بها) قالوا: والدعاء بها يقتضي التحريك، وجاءت أحاديث -لم يخل حديث منها من كلام، وقد أشار الذهبي وغيره إلى ضعفها- أنها مذعرةٌ للشيطان أي: أنها تصيب الشيطان بالذعر، ولكن لم يصح في ذلك حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والأحاديث إما منكرةٌ أو موضوعة.
والذين قالوا بالتحريك ينقسمون إلى طائفتين: طائفة تقول: يبتدئ الدعاء بالرفع، فيجعل الرفع عند ابتداء كل دعاءٍ، وعلى هذا إذا قال:(اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا والممات) ابتدأ الرفع عند قوله: (اللهم) وكلّما ابتدأ دعاءً رفع إصبعه سائلا الله عز وجل الإجابة.
هذا بالنسبة لمذهب من يقول: يدعو بها؛ أي: أنه يحركها عند ابتداء كل دعوة.
والقائلون بهذا القول كأنهم يرون أن الأصل هو ثبوت الإصبع، فقالوا: يدعو بها؛ ويتقيد تحريكها بالدعاء.
لكن يُشكل عليهم لفظ الشهادة، فإنه لا يشتمل على السؤال، ولا يشتمل على الدعاء؛ فالذين يقولون: تثبت دون تحريك أي: من عند قوله: (أشهد أن لا إله إلا الله) يبقى مشيراً بها ومنكِّتاً إلى الأرض، كما في حديث ابن عمر عند البيهقي وغيره، وعلى هذا تثبت إلى نهاية الصلاة.
وأما الذين يقولون بالتحريك فيقولون: يبتدئ تحريكها عند الشهادة فيشير ثم يقبض، فإذا ابتدأ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لاشتمالها على نوع من الدعاء:(اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد) فيحرك عند ابتداء كل صلاةٍ؛ لأنها دعاء ومسألة.
والذين قالوا بالتحريك المطلق -وهو أضعف الأقوال، وهو القول الثالث- قالوا: إنه يشير بها، أي: يحركها سواء كان في ابتداء الدعاء أو أثنائه.
وأقوى هذه الأقوال أنه يشير بها ولا يحركها؛ وذلك لما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(اسكنوا في الصلاة) وقوله: (يدعو بها) متردد بين شهادة التوحيد وبين أن يبقى مشيراً بها، فنقول: إن من رفعها أثناء دعائه فكأنه داعٍ بها؛ ولذلك ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا خطب لا يزيد على الإشارة بها صلوات الله وسلامه عليه.