وقوله:[فإن قُتل فهو شهيد]: أي: فإن قتل الذي صيل عليه فهو شهيد، أما إذا قُتل الصائل فدمه هدر، وقد اختلف العلماء رحمهم الله: هل حكمنا بكون الدم هدراً يشمل الصائل عموماً أم فيه تفصيل؟ يقول بعض العلماء: يفرق بين الصائل العاقل والمجنون والصبي، فإذا كان الصائل صبياً أو مجنوناً، فإن من حقه أن يقتله، مثلاً: هاج عليه مجنون ومعه السكين، وجاء يريد أن يطعنه، وغلب على ظنه أنه لا يمكن بحال أن يدفع ضرره إلا إذا قتله، فقتله.
فإذا قتل المجنون فإنه لا يُقتص من الشخص بالإجماع؛ لأن له شبهة، والنبي صلى الله عليه وسلم درء الحد بالشبهات، وله الحق في دفعه، لكن كون هذا الشخص غير مكلف ولا عاقل، هل يوجب الضمان؟ قال بعض العلماء: يجوز له قتل المجنون والصبي، ولكن يجب عليه ضمان دمه، والصحيح أنه لا يضمن دمه، فلا تجب عليه الدية؛ لأن الشرع أذن له أن يدفع، وفي هذه الحالة يستوي أن يكون مجنوناً، ويستوي أن يكون عاقلاً؛ لأنه إذا سقط القصاص بإذن الشرع، سقط ما يترتب على الدم، وحينئذ لا يجب عليه ضمان النفس، ولا يعتبر ملزماً بالدية.
فبين رحمه الله: أنه إذا قتل فلا ضمان عليه، وهذا يشمل الآدمي والبهيمة.
فلو أن بعيراً هاج، وأصبح يبطش بالناس، يكسر أيديهم وأرجلهم، ويعضهم، ولربما يبرك على الشخص فيقتله، وكان عند شخص أطفال، أو هجم عليه وغلب على ظنه أنه لو تركه فسيقتله، فأخذ السلاح فقتله، أو تمكن من عقره فعقره، بأن ضربه في رجله أو يده، وعلم أن هذا يعطله عن الصول على الناس فله ذلك ولا ضمان عليه.
وعلى هذا يصبح الشخص الذي ظُلم وصيل عليه غير مطالب بدم، ولا بضمان دية، ولا بقيمة، لا في الإنسان، ولا في الحيوان.